كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 1)

312
155 - أحمد بن أبى السّعود ابن محمّد بن مصلح الدّين الرّومىّ، العمادىّ *

الآتى ذكر أبيه العلاّمة أبى السّعود، مفتى الدّيار الرّوميّة، فى محلّة، إن شاء اللّه تعالى.
قال المولى قطب الدين، نزيل مكة المشرّفة فى حقّه: كان نادرة زمانه فى الذكاء و الحفظ، و الآداب، لم يسمع فى هذا العصر له بنظير فى هذا الباب.
اجتمعت به فى سنة خمس و ستّين، بمدينة إصطنبول، و هو مدّرس فى مدرسة رستم باشا بخمسين عثمانيّا، فأكرمنى، و أضافنى، و باسطنى، فرأيت من حفظه، و ذكائه، ما أدهشنى و حيّرنى، مع صغر سنّه، و كبر قدره و شأنه.
قال: و أخبرنى أن مولده سنة أربع و أربعين و تسعمائة.
و أنّه اشتغل على والده، و على المولى شمس الدّين أحمد بن طاش كبرى، صاحب «الشقائق النعمانية».
و كان يحفظ «مقامات الحريرىّ» على ظهر الغيب، و قرأ لى منها عدّة مقامات، و مع ذلك كان ينظم شعرا غريبا، بليغا، فى أعلى درجات الفصاحة، مع كمال الحسن، و الملاحة، فلا أدرى أىّ وصف يوفّيه، و أىّ صنف من الفضل ما هو فيه، و ماذا يقال فيه و الدّهر من رواته، و فنّ الأدب خامل ما لم يواته.
قال: و أنشدنى من لفظه تخميس قصيدة لأبى الطّيّب المتنّبى، و أنّه هو الذى خمّسها، و قد بقى فى حفظى منها هذا البيت:

نشرت على الآفاق درّ فوائدى
و فى سلك شعرى قد نظمت فرائدى

فمن ذا يضاهينى و تلك مقاصدى
و ما الدهر إلاّ من رواة قصائدى 1

إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا

*) ترجمه فى: شذرات الذهب 8/ 357، العقد المنظوم 340 - 246.
1) فى الأصول: «و ما الدر»، و المثبت فى ديوان أبى الطيب 361.

الصفحة 312