كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 1)

321 بالرّىّ، و قاضيها إذ ذاك أحمد بن بديل الكوفىّ، فاحتاج موسى أن يجمع ضيعة هناك، كان له فيها سهام، و يعمّرها، و كان فيها سهم ليتيم، فصرت إلى أحمد بن بديل، أو فاستحضرت أحمد بن بديل، و خاطبته فى أن يبيع علينا حصّة اليتيم، و يأخذ الثّمن، فامتنع، و قال: ما باليتيم حاجة إلى البيع، و لا آمن أن أبيع ماله، و هو مستغن عنه، فيحدث على المال حادثة، فأكون قد ضيّعته عليه.
فقلت: إنا نعطيك من ثمن حصّته ضعف قيمتها.
قال: ما هذا لى بعذر فى البيع، و الصّورة فى المال إذا كثر مثلها إذا قلّ 1.
قال: فأدرته بكلّ لون، و هو يتمنع، فأضجرنى، فقلت: أيّها القاضى، لا تفعل فإنّه موسى بن بغا.
فقال لى: أعزّك اللّه، إنّه اللّه تبارك و تعالى.
قال: فاستحييت من اللّه أن أعاوده بعد ذلك، و فارقته.
فدخلت على موسى، فقال: ما عملت فى الضّيعة؟
فقصصت عليه الحديث، فلما سمع أنه اللّه تبارك و تعالى بكى، و ما زال يكرّرها، ثم قال:
لا تعرض لهذه الضّيعة، و انظر فى أمر هذا الشيخ الصّالح، فإن كانت له حاجة فاقضها.
قال: فأحضرته، و قلت له: إن الأمير قد أعفاك من أمر الضّيعة، و ذاك أنىّ شرحت له ما جرى بيننا، و هو يعرض عليك حوائجك.
قال: فدعا له، و قال: هذا الفعل أحفظ لنعمته، و مالى حاجة إلا إدرار رزقى؛ فإنّه تأخّر منذ شهور، و أضرّنى ذلك.
قال: فأطلقت له جاريه.
و روى الخطيب بسنده، عن أحمد بن بديل، قال: بعث إلىّ المعتزّ رسولا بعد رسول، فلبست كمّى، و لبست نعل طاق، و أتيت بابه، فقال الحاجب: يا شيخ، نعليك.

1) أى يستوى الأمران فى أنه لا يحق له البيع، قل الثمن أو كثر.

الصفحة 321