كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 1)

326 و قال الشهاب ابن فضل اللّه: كان كبير المروءة، حسن المعاشرة، سخىّ النّفس، فوق السّبعين سنة يدرّس بدمشق، و غالب رؤساء مذهبه من الحكّام، و المدرّسين، كانوا طلبة عنده، و قلّ منهم من أفتى و درّس، بغير خطّه.
و قال ابن حبيب فى حقّه: إمام مذهبه، عارف بنقد فضّته و ذهبه، حسن التّلطّف، كثير التعفّف، ذو نفس زكيّة، و سيرة مرضيّة، و أخلاق كريمة، و مناقب وجوهها و سيمة، معروف بالمكارم، موصوف بالهمم و العزائم.
باشر بدمشق تدريس عدّة مدارس، و زيّن بنجوم علومه مذولى القضاء بها آفاق المجالس، و استمرّ معدودا من الأكابر و الأعيان، إلى أن فرّق الموت بينه و بين الأهل و الأوطان. انتهى.
و ذكر صاحب آكام المرجان 1، عن الشّهاب ابن فضل اللّه العمرىّ، عنه، حكاية غريبة، لا بأس بذكرها هنا، قال: سفرنى أبى إلى الشّرق لإحضار اهله إلى 2 الشام، فألجأنا المطر حتى نمنا فى مغارة، فبينا أنا نائم إذا شىء يوقظنى، فانتبهت، فإذا امرة لها عين واحدة مشقوقة، فارتعت، فقالت: لا تخف، إنى رغبت أن أزوّجك ابنة لى كالقمر.
فقلت: على خيرة اللّه.
ثم نظرت فإذا برجال فى هيئة قاض و شهود، و كلّهم بصفة المرأة، 3 فخطب أحدهم، و عقد، و قبلت، و نهضوا.
و عادت المرأة 3، و معها جارية حسناء 4 فتركتها عندى، و انصرفت، فارتعت، و خفت خوفا شديدا، و لم أقرب تلك الجارية، و رحلنا، و هى معنا.
فلما كان فى اليوم الرابع حضرت تلك المرأة، فقالت: كأنّ هذه الشّابّة ما أعجبتك؟
فقلت: نعم.

1) آكام المرجان فى أحكام الجان 69، 70، و تصرف التميمى يسيرا فى رواية القصة.
2) فى آكام المرجان: "من".
3 - 3) ساقط من: ص، و هو فى: ط، ن، و قريب منه فى آكام المرجان.
4) فى آكام المرجان زيادة: "إلا أن عينها مثل عين أمها".

الصفحة 326