كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 1)

404 لكونه يقتنى الكتب النفيسة، بالخطوط المنسوبة، و الجلود المتقنة، و غير ذلك من الآيات البديعة، و القطع المنسوبة الخطّ.
و قد اشتغل فى الفنون، و برع فى الفقه، و كتب على العلاء ابن عصفور، فبرع فى الكتابة و فنونها، حتى فاق فى المنسوب، لا سيّما فى طريقة ياقوت 1.
و كان يقول: إنه سمع على ابن الجزرىّ، حديث قصّ الأظفار.
و أكثر النّظر فى التاريخ، و الأدبيّات، و قال الشّعر الجيّد.
و كان ذا ذهن وقّاد، مع السّمن الخارج عن الحدّ، بحيث لا يحمله إلا الجياد من الخيل.
و كان فاضلا، أديبا، شاعرا، حسن المحاضرة، صبيح الوجه، محبّا فى الفضائل و التّحف.
و أتقن صنائع عدّة، حتى إنه كان يقترح لأصحاب الصّنائع أشياء فى فنونهم، فيقرّون بأنه أحسن ممّا كانوا يريدون عمله.
و هو من أفكه الناس محاضرة، و أحلاهم نادرة، و أبشّهم 2 وجها، و أظهرهم و ضاءة، عنده من لطافة الصّفات، بقدر ما عنده من ضخامة الذّات، و له وجاهة عند الأكابر.
و محاسنه شتىّ، غير أنه كان مسرفا فى الإنفاق، يضيّع ما عنده و لو فى غير محلّه، و يستدين أيضا و يصرف.
و قد قطن القدس، و دمشق، و القاهرة، و توفّى بها، فى الطّاعون، ليلة الاثنين، عاشر ذى القعدة، سنة إحدى و أربعين و ثمانمائة، و حمل جنازته ثمانية أنفس، منهم أربعة بالخشب الذى يسمّونه قوبا، رحمه اللّه تعالى.
و من نظمه قوله 3:

تسلطن ما بين الأزاهر نرجس
بما خصّ من إبريزه و لجينه

1) يعنى «ابن عبد اللّه المستعصمى» انظر المنهل الصافى.
2) فى ط، ن، «و أنسبهم»، و فى الضوء اللامع: «و أحسنهم»، و المثبت فى: ص.
3) البيتان فى الضوء اللامع 2/ 31.

الصفحة 404