كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 1)

9 عن كل آفة و بليّة-ابن السّلطان مراد خان، ابن السلطان محمّد خان، ابن السّلطان بايزيد خان، ابن السّلطان مراد خان الغازى، ابن السّلطان أورخان، ابن السّلطان عثمان الغازى، الذى تنسب إليه هذه السّلاطين. أدام اللّه/أيّام دولتهم، و خلّد أوقات سعادتهم، و رحم أوّلهم، و نصر آخرهم، و لا ردّ لهم راية عن غاية، و لا حساما عن نهاية.
و لا زالت أيّام هذا السّلطان فى سعادة و إقبال، و عظمة و إجلال؛ فإنه مازال يقرّب أهل العلم من ساحة إحسانه، و يأويهم إلى كنف جوده و امتنانه، و يقابل محسنهم بالإحسان، و مسيئهم بالغفران، و فاضلهم بالإفضال، و كبيرهم بالإكرام و الإجلال.
فرغب فى تحصيل العلوم من لم تكن له رغبة، و تأهّب للاشتغال من لم يكن عنده أهبة، و صار كلّ منهم يظهر بالتأليف مقدوره، و يبذل فى التّصنيف ميسوره، و يشرّف ما ألّفه و صنّفه، بخدمة سدّته السّنيّة، و أبوابه العليّة، و يبلغ به من إحسانه أقصى المرام و الأمنيّة.
فأحببت أن أدخل نفسى فى عدادهم و إن لم أكن لذلك أهلا، و أضرب معهم فى الخدمة بسهم و إن لم أكن ممّن يعرف الضرب أصلا.
فالكريم يغضّ عن الزّلّة، و الحليم يعفو عن الذنب؛ و الخيار يستر العوار، و الكلام يشرف بمن قيل فيه.
و قد شرّفت نظمى بمديحه، و قلت فيه قصيدة، أحببت أن أجعلها فى هذه المقدّمة مقدّمة، و فى هذه الترجمة مفخّمة.
و هى هذه:

دانت لهيبتك الأيّام و الأمم
و قد أطاعك فيها السّيف و القلم

و ليس يخرج عن أمر أمرت به
إلاّ شقىّ به قد زلّت القدم

و أصبح الجور لا يجار و لا
يلفى له فى جميع الأرض معتصم

و العدل فى كفّه ماض أشمّ به
من عصبة الظلم و العدوان ينتقم

لا يظلم الذئب شاة البرّ ليس لها
راع سواه و قد أودى به النّهم

هذا الذى قيل فى أمثال من سلفوا
من كثرة الأمن يمشى الذئب و الغنم

يحصى الحصا قبل أن تحصى مآثره
و الغيث يفنى و لا تفنى له نعم

يكاثر الرّمل فى الهيجاء عسكره
و كلّ من شئت منهم وحده أمم

هو المراد الذى ربّ العباد قضى
فى عالم الذّرّ أن يحيى به العدم

الصفحة 9