كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: المقدمة)
[المجلد الاول]
مقدمة التحقيق
لقى مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان بن ثابت التّيمىّ الكوفىّ ما هو قمين به من الإجلال و الإكبار لدى الفقهاء و الدارسين لأصول التشريع الإسلامىّ، فى القديم و الحديث، و حظى حظوة هائلة فى ظل الخلافة العباسية ببغداد و الخلافة العثمانية بالقسطنطينية، فتصدر رجاله حلقات العلم، و تسلموا منصب الفتوى، و شغلوا كراسىّ القضاء.
و لعل هذا هو الذى صرفهم عن تدوين تراجم رجال المذهب ردحا طويلا من الزمان، فقد سبقهم إلى هذا الشافعية، فبداؤا مبكرين، فى النصف الأول من القرن الخامس للهجرة، و كان أول من صنف منهم فى ذلك الإمام أبو حفص عمر بن على المطّوّعىّ، المتوفى نحو سنة 440 ه، صنّف للإمام أبى الطيب سهل الصّعلوكىّ كتابا، سماه «المذهب فى ذكر شيوخ المذهب»، ثم تبعه الناس، حتى جاء تاج الدين أبو نصر عبد الوهّاب بن على بن عبد الكافى السّبكىّ المتوفى سنة 771 ه، فخرج على الناس بموسوعته الكبرى فى تراجم علماء مذهب الشافعىّ «طبقات الشافعية الكبرى 1».
أما علماء الحنفية، فقد تأخر بهم القصد إلى القرن الثامن للهجرة، و ظلت تراجمهم مضمّنة فى كتب التاريخ العامة، و تواريخ البلدان، و طبقات الأدباء و اللغويين و الفقهاء، ثم نشطوا لهذا الأمر، فحفلت القرون: الثامن، و التاسع، و العاشر، و الحادى عشر، و الثالث عشر، بمؤلفات كثيرة، ترجمت لعلماء المذهب، و تضمنت أخبارهم، و اشتملت على مسائلهم.
ففى القرن الثامن ألّف نجم الدين إبراهيم بن على بن أحمد الطّرسوسىّ المتوفى سنة
1) انظر مقدمة التحقيق لطبقات الشافعية الكبرى 1/ 20، و ما بعدها.
الصفحة 1
32