كتاب الفتاوى الفقهية الكبرى (اسم الجزء: 1)

مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ لَا لِلتَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِ لُبْسِهِ.

(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - عَنْ قَوْلِ الْمَحَامِلِيِّ فِي الْمُقْنِعِ لُبْسُ الثِّيَابِ الْمَصْبُوغَةِ مِنْ تَرْكِ الْمُرُوءَةِ هَلْ هُوَ وَإِطْلَاقُهُ مُعْتَمَدٌ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: نَعَمْ إنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ ذَلِكَ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا صَوَّرْته مَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَغَيْرُهُ مِنْ حُرْمَةِ كَوْنِ وَثِيقَةِ الصَّدَاقِ حَرِيرًا إنْ أُرِيدَ كِتَابَةُ الرِّجَالِ فِيهِ فَهُوَ كَخِيَاطَةِ الْحَرِيرِ وَهُوَ جَائِزٌ لِلرِّجَالِ أَوْ اتِّخَاذُ النِّسَاءِ لَهُ فَاِتِّخَاذُ الْمَرْأَةِ لِلْحَرِيرِ وَافْتِرَاشُهَا لَهُ جَائِزٌ فَمَا وَجْهُ الْحُرْمَةِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلُ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ كَالْخِيَاطَةِ. لِأَنَّ الثَّوْبَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ لُبْسُهُ إلَّا بِهَا بِخِلَافِ كَوْنِ الْمَكْتُوبِ فِيهِ حَرِيرًا فَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ أَصْلًا وَأَيْضًا فَالْكِتَابَةُ فِي شَيْءٍ اسْتِعْمَالٌ لَهُ عُرْفًا بِخِلَافِ خِيَاطَتِهِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَلْ يَجُوزُ عَمَلُ عَصَائِبِ النِّسَاءِ مِنْ الْوَرَقِ الْبَيَاضِ وَيَجُوزُ دَوْسُهُ وَالِاسْتِنْجَاءُ بِهِ أَوْ لَا لِتَعْظِيمِهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ خُلِقَ لَأَنْ يُكْتَبَ فِيهِ نَحْوُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَكِتَابَةُ غَيْرِهَا فِيهِ لَمْ يُخْلَقْ لَهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ السُّبْكِيّ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الَّذِي أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ جَوَازُ عَمَلِ الْعَصَائِبِ مِنْهُ قَالَ: وَأَمَّا حَدِيثُ لَهُنَّ رُءُوسٌ كَأَسْنِمَةِ الْإِبِلِ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَا نَحْنُ فِيهِ. وَهَذَا مِنْ الزِّينَةِ الْمُبَاحَةِ وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْقَمُولِيِّ وَأَقَرَّهُ جَوَازُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْوَرَقِ الْكَاغَدِ إنْ كَانَ خَشِنًا مُزِيلًا وَصَرَّحَ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَنَقَلُوهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ الدَّوْسِ بِالْأَوْلَى وَرُدَّ مَا قَالَهُ السُّبْكِيّ مِمَّا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ وَمِنْ حُرْمَةِ دَوْسِهِ وَلَوْ سَلَّمْنَا خَلْقَهُ لِذَلِكَ فَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا لَمْ يُخْلَقْ لَهُ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ حَيْثُ قَالَ: إنَّهُ يَقْتَضِيهِ لَا يُقَالُ الْوَرَقُ فِيهِ النَّشَاءُ وَهُوَ مَطْعُومٌ لِأَنَّا نَقُولُ الْكَلَامُ فِي وَرَقٍ لَا نَشَاءَ فِيهِ عَلَى أَنَّ النَّشَاءَ مُسْتَهْلَكٌ فَلَا أَثَرَ لِوُجُودِهِ.

(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - عَنْ وَرَقَةٍ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى. هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ فِيهَا فِضَّةٌ وَنَحْوُهَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: نَقَلَ السُّبْكِيّ عَنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ وَأَنَّ الْقُرْآنَ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يُقْصَدَ بِهِ الدِّرَاسَةَ أَوْ لَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى كُلُّ اسْمٍ مُعَظَّمٍ.

(وَسُئِلَ) - فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ - بِمَا لَفْظُهُ: شُكَّ فِي تَسَاوِي الْحَرِيرِ وَغَلَبَتِهِ فَهَلْ يَجُوزُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: نَعَمْ يَجُوزُ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الضَّبَّةِ وَقَوْلُ الْأَنْوَارِ يَحْرُمُ، ضَعِيفٌ عَلَى أَنَّ نُسَخَهُ مُخْتَلِفَةٌ.

(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - عَمَّنْ نَصَبَ ثَوْبَ حَرِيرٍ وَجَلَسَ تَحْتَهُ بِحَيْثُ يُسَامِتُ رَأْسُهُ بَعْضَ الثَّوْبِ الْمَنْصُوبِ. وَيَصِيرُ تَحْتَهُ كَمَا اعْتَادَهُ أَهْلُ مِصْرَ فِي نَصْبِ الْبَشَّاخِينَ وَالنَّوَامِيسِ عِنْدَ دَعْوَتِهِمْ النَّاسَ إلَى وَلِيمَةٍ وَنَحْوِهَا فَهَلْ يَحِلُّ الْجُلُوسُ تَحْتَ مَا ذُكِرَ أَوْ لَا وَهَلْ يَجُوزُ نَصْبُ مَا ذُكِرَ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الَّذِي يَظْهَرُ حُرْمَةُ الْجُلُوسِ تَحْتَ مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لَهُ عُرْفًا وَمَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ اسْتِعْمَالَ نَحْوِ الْبُشْخَانَةِ إنَّمَا هُوَ بِالْجُلُوسِ دَاخِلَهَا فَقَدْ غَفَلَ عَنْ أَنَّ لَهَا فِي الْعَادَةِ اسْتِعْمَالَيْنِ أَحَدُهُمَا مَعَ الْعِيَالِ وَهُوَ بِمَا ذُكِرَ وَالثَّانِي اسْتِعْمَالُ الْمَدْعُوِّينَ وَتَزَيُّنُهُمْ بِهَا وَلَيْسَ هُوَ إلَّا بِجُلُوسِهِمْ تَحْتَهَا وَهِيَ مَنْصُوبَةٌ فَإِنْ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجُلُوسُ الْمَذْكُورُ مُبَاحًا لِأَنَّا شَكَكْنَا فِي كَوْنِهِ اسْتِعْمَالًا أَوْ غَيْرَهُ فَلَا يَحْرُمُ بِالشَّكِّ قُلْت الْعُرْفُ قَاضٍ بِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ بِلَا شَكٍّ وَعَلَى تَسْلِيمِ مَا ذُكِرَ فَالْأَصْلُ فِي الْحَرِيرِ الْحُرْمَةُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْوَجْهُ الْمُجَوِّزُ لِاسْتِعْمَالِهِ وَهُوَ هُنَا أَنْ يُجْمِعَ أَهْلُ الْعُرْفِ عَلَى أَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ اسْتِعْمَالًا وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فَكَانَ الْبَقَاءُ مَعَ الْأَصْلِ أَوْلَى وَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْأَصْلِ جَوَازُ لُبْسِ الثَّوْبِ الْمَشْكُوكِ فِي كَوْنِ أَكْثَرِهِ حَرِيرًا أَوْ كَتَّانًا مَثَلًا خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْأَنْوَارِ وَقِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الضَّبَّةِ لِأَنَّا نَقُولُ الْأَصْلُ فِي الْمُخْتَلَطِ عَدَمُ زِيَادَةِ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ.
وَجَوَازُ اسْتِعْمَالِهِ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ الْأَكْثَرَ هُوَ الْحَرِيرُ. وَلَمْ يُعْلَمْ فَغَلَّبْنَا هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ السَّابِقِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ فِي صَرْفِ الْحَرِيرِ فَلَا تُرَدُّ مَسْأَلَةُ الْمُخْتَلَطِ أَصْلًا وَأَمَّا نَصْبُ مَا ذُكِرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَزْيِينِ الْجُدْرَانِ بِالْحَرَائِرِ الَّذِي قَالُوا بِحُرْمَتِهِ إنْ قَصَدَتْ الْمَرْأَةُ بِنَصْبِهَا أَنَّهَا تَسْتَعْمِلُهَا وَحْدَهَا فَإِنْ قَصَدَتْ بِهِ جُلُوسَ الرِّجَالِ تَحْتَهَا أَوْ زِينَةَ الْجِدَارِ أَوْ الْبَيْتِ أَوْ اسْتِعْمَالَهَا بِجُلُوسِهَا هِيَ وَزَوْجُهَا فِيهَا حَرُمَ نَصْبُهَا.

الصفحة 263