كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 1)
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَتَوَضَّأُ مِنَ الْحَمِيمِ أَيِ الْمَاءِ الْحَارِّ أَيْ يَنْبَغِي عَلَى مُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْإِنْسَانْ إِذَا تَوَضَّأَ بِالْمَاءِ الْحَارِّ يَتَوَضَّأُ ثَانِيًا بِالْمَاءِ الْبَارِدِ فَرَدَّ عَلَيْهِ أَبُو هُرَيْرَةَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ لَا يُعَارَضُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمُعَارَضَاتِ الْمَدْفُوعَةِ بِالنَّظَرِ فِيمَا أُرِيدُ بِالْحَدِيثِ فَإِنَّ الْمُرَادَ: أَنَّ أَكْلَ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ يُوجِبُ الْوُضُوءَ لَا مَسَّهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[بَاب التَّوَقِّي فِي الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
23 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ الْبَطِينُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ مَا أَخْطَأَنِي ابْنُ مَسْعُودٍ عَشِيَّةَ خَمِيسٍ إِلَّا أَتَيْتُهُ فِيهِ قَالَ فَمَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ بِشَيْءٍ قَطُّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ عَشِيَّةٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَكَسَ قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَهُوَ قَائِمٌ مُحَلَّلَةً أَزْرَارُ قَمِيصِهِ قَدْ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ قَالَ أَوْ دُونَ ذَلِكَ أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ أَوْ شَبِيهًا بِذَلِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (مَا أَخْطَأَنِي ابْنُ مَسْعُودٍ) أَيْ مَا فَاتَنِي لِقَاؤُهُ إِلَّا أَتَيْتُهُ فِيهِ اسْتِثْنَاءً مِنْ أَعَمِّ الْأَحْوَالِ بِتَقْدِيرِ قَدْ وَضَمِيرُهُ لِلْعَشِيَّةِ بِاعْتِبَارِ الْوَقْتِ، وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَبِيلِ {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56] مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَفُوتُهُ الْمُلَاقَاةُ حَالَ إِتْيَانِهِ إِيَّاهُ فَهَذَا تَأْكِيدٌ لِلُزُومِ الْمُلَاقَاةِ فِي عَشِيَّةِ كُلِّ خَمِيسٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَجِيئُهُ فَإِنْ كَانَ مَا جَاءَهُ يَوْمًا أَتَاهُ هُوَ فِيهِ قَوْلُهُ: (يَقُولُ لِشَيْءٍ) أَيْ فِي شَيْءٍ أَوْ يُخَاطِبُ أَحَدًا أَوْ يَقُولُ لَهُ كَانَ ذَاتَ عَشِيَّةٍ ذَاتَ بِالنَّصْبِ أَيْ كَانَ الزَّمَانُ ذَاتَ عَشِيَّةٍ أَوْ بِالرَّفْعِ وَكَانَ تَامَّةٌ وَلَفْظُ الذَّاتِ مُقْحَمٌ قَوْلُهُ: (فَنَكَّسَ) أَيْ طَأْطَأَ رَأْسَهُ وَخَفَضَهُ قَوْلُهُ: (مُحَلَّلَةً) بِفَتْحِ اللَّامِ الْأُولَى الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ قَوْلُهُ (أَزْرَارُ قَمِيصِهِ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ قَوْلُهُ: (قَدِ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ) فِي الْقَامُوسِ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ دَمِعَتَا كَأَنَّهَا غَرِقَتَا فِي دَمْعِهَا انْتَهَى.
قُلْتُ: اغْرَوْرَقَ مِنْ غَرِقَ كَاخْشَوْشَنَ مِنْ خَشِنَ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدِ انْفَرَدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ احْتَجَّ الشَّيْخَانِ بِجَمِيعِ رُوَاتِهِ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَمْرٍو
قُلْتُ: وَقَدِ اخْتُلِفَ
الصفحة 14
660