كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 1)

وفي "رسالة" الأستاذ أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري رحمه الله تعالى بإسناده عن ذي النون المصري رحمه الله تعالى قال: من علامات المحب لله متابعة حبيب الله - صلى الله عليه وسلم - في أفعاله، وأخلاقه، وأمره، وسننه (¬1).
قلت: وهو مأخود من قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31].
والمعنى فيه: أن من أحب اللهَ أحبَّه اللهُ، فإذا تابع محبُّ الله حبيبَ الله فقد صدق في الحب، وصار هو - أيضا - حبيبَ الله.
وإن كان مخالفا لهم في كل أفعالهم، مبايناً لهم في كل أحوالهم، فهذا ليس منهم قطعاً، وعلى ذلك حمل الغزالي كلام الحسن، وكذلك يحمل عليه كلام الفضيل؛ لأن الظاهر أن محبة هذا مجرد دعوى، ومحضُ تَمَنٍّ، وهذا لا يقال فيه: (محبٌّ) حقيقة، بل: (مدعي المحبة).
ويدل عليه: ما رواه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في كتاب "الزهد" عن الحسن أنه قال: يا ابن آدم! زعمت أنك تحب الصالحين، وتفر من أعمالهم، وتبغض الفجار، وأنت أحدهم!
وإن كان موافقا في البعض مخالفاً في البعض، فلا يخلو إما أن يخالفهم في أصل الإيمان، أو يوافقهم؛ فإن خالفهم في الإيمان فهذا
¬__________
(¬1) انظر: "الرسالة القشيرية" للقشيري (ص: 24)، ورواه كذلك البيهقي في "الزهد الكبير" (ص: 78).

الصفحة 26