كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 1)

فتأمَّل كيف لما هاجر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الظاهر - والهجرة إليه دليل حبه - فلما أشرك في هجرته غيره، وأضمر طلب أم قيس، سمي بها دونه!
قال بعض العلماء: وهذا كان السبب (¬1) في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّمَا الأَعْمالُ بِالنِّيَّاتِ، وإنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَىْ، فَمَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَىْ اللهِ وَرَسُوْلهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَىْ اللهِ وَرَسُوْلهِ، وَمَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَىْ دُنْيَا يُصِيْبُها، أَوْ إِلَىْ امْرَأَةٍ يَنْكِحُها، فَهِجْرَتُهُ إِلَىْ ما هاجَرَ إِلَيْهِ". أخرجه الشيخان، وغيرهما من حديث عمر - رضي الله عنه - (¬2).
وفي قوله: "أَوِ امْرَأةٍ ينْكِحُها" تلميحٌ بمهاجر أم قيس.
وقد روى الطبراني - بسند جيد - عن الحسين بن علي - رضي الله عنهما - قال: من أحبنا للدنيا، فإن صاحب الدنيا يحبه البَرُّ والفاجر، ومن أحبنا لله تعالى، كنا نحن وهو يوم القيامة كهاتين، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى (¬3).
¬__________
= (1/ 10): وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
(¬1) قال الحافظ ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (ص: 14): وقد اشتهر أن قصة مهاجر أم قيس هي كانت سبب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها" وذكر ذلك كثير من المتأخرين في كتبهم، ولم نر لذلك أصلاً يصح، والله أعلم.
(¬2) رواه البخاري (1)، ومسلم (1907).
(¬3) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (2880).

الصفحة 33