كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 1)

- بإسناد صحيح كما قال الحافظ أبو الفضل بن حجر العسقلاني (¬1) - عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: كان أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - بَيِّناً لمن رآه، والذي لا إله إلا هو، ما آمن مؤمن أفضل من إيمانٍ بغيب (¬2).
قلت: ولا يلزم من ذلك تفضيل غير الصحابة عليهم، بل إنما أراد - صلى الله عليه وسلم - بأن تضعيف أجور الذين آمنوا به غيباً ليلحقهم بالمشاهدين له، ولآياته، ومعجزاته.
ثم بيَّن فضل الصحابة رضي الله تعالى عنهم في أحاديث أخر فقال - صلى الله عليه وسلم -: "خَيْرُ الْقُرُوْنِ قَرْنِيْ ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلُوْنهمْ". الحديث رواه الإمام أحمد، والشيخان، والترمذي من حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه (¬3).
ومن لطائف الفهم في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "طُوْبَىْ لِمَنْ رآنِيْ وَآمَنَ بِيْ مَرَّةً، وَطُوْبَىْ لِمَنْ لَمْ يَرَنيْ وَآمَنَ بِيْ سَبع مَرَّاتٍ": أنه لا شك في سبق الصحابة لأنهم السابقون الأولون، لكنهم تعجلوا من ثوابهم ونعيمهم لُقِيَّه - صلى الله عليه وسلم - والتملي من جمال طلعته الشريفة، والارتضاع من
¬__________
(¬1) انظر: "الأمالي المطلقة" لابن حجر (ص: 39).
(¬2) رواه سعيد بن منصور في "السنن" (2/ 544)، والحاكم في "المستدرك" (3033).
(¬3) رواه الإمام أحمد في "المسند" (1/ 378)، والبخاري (2509)، ومسلم (2533)، والترمذي (3859)، كلهم بلفظ: "خير الناس قرني".

الصفحة 84