كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 1)

وَلَوْ قَبْلَ مَبْكاها بَكَيْتُ صَبابَةً ... شَفَيْتُ غَلِيْلَ النَّفْسِ قَبْلَ التَّنَدُّمِ
وَلَكِنْ بَكَتْ قَبْلِيْ فَهَيَّجَ لِي الْبُكا ... بُكاها فَقُلْتُ الْفَضْلُ لِلْمُتَقَدِّم (¬1)
وأما من جاء بعد الصحابة من أهل الإيمان ففاتهم فضيلة اللُّقِيِّ والتسويد، ولم يفتهم فضيلة المحبة والاقتداء، ولذلك سماهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إخوانه" (¬2)؛ لأن الأخ هو المشاكل في الصفة أو في الخلق أو نحو ذلك، بخلاف الصاحب؛ فإنه المخالط في العشرة.
ثم قد يكون الصاحب أخاً كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذَاً خَلِيْلاً غَيْرَ رَبِّيْ لاتَّخَذْتُ أَبا بَكْرٍ خَلِيْلاً، وَلَكِنَّ أَبا بَكْرٍ أَخِيْ وَصاحِبِيْ، وَلَقَدِ اتَّخَذَ اللهُ صاحِبَكُمْ خَلِيْلاً". رواه الشيخان عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه (¬3).
¬__________
(¬1) البيتان لنصيب بن رباح، انظر: "الحيوان" للجاحظ (3/ 206).
(¬2) يقصد الحديث الذي رواه الإمام أحمد في "المسند" (3/ 155) عن أنس: "وَدِدْتُ أني لَقِيتُ إخواني". قال: فقال أَصْحَابُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: أَوَلَيْسَ نَحْنُ إِخْوَانَكَ؟ قال: "أَنْتُمْ أصحابي وَلَكِنْ إخواني الَّذِينَ آمَنُوا بي ولم يروني".
(¬3) رواه البخاري عن ابن عباس (3456)، وعن أبي سعيد (454)، ولم يروه عن ابن مسعود، إنما رواه مسلم (2383) عن ابن مسعود.

الصفحة 87