ومثْلُه منَ السنَّةِ (¬1) ما رُوِي عنهُ - صلى الله عليه وسلم - من النَّهْي عنِ الصلاةِ في الأوقاتِ المكروهةِ (¬2)، مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ نامَ عَنْ صَلاةٍ أَو نَسِيَها، فَلْيصَلِّها إذا ذَكَرَها" (¬3).
فإنَّه يَحْتَمِلُ أنهُ أرادَ بالنَّهْيِ عنِ الصَّلاةِ في الأوقاتِ المذكورةِ الصَّلاةَ التي لا سَبَبَ لَها؛ بدليل هذا الحديثِ.
ويَحْتَمِلُ أنهُ أرادَ بالصَّلاة عندَ الذِّكْرِ إذا ذَكَرَها في غيرِ وقْتِ الكَراهَة؛ بدليل نَهْيِهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقضى الشافعيّ -رضيَ اللهُ تَعالى عنهُ- بِجَوازِ ما لها سَبَبٌ (¬4)؛ بدليل ما رُوِيَ أَنَّ النبيَّ -صَلَّى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي بعدَ الصُّبْحِ رَكْعَتينِ، فسألَهُ فقالَ: هما رَكْعَتا الفَجْرِ، فأقرَّهُ - صلى الله عليه وسلم - على ذلك (¬5).
¬__________
= "سننه" (3/ 281)، والبيهقيّ في "السنن الكبرى" (7/ 163)، عن قبيصة بن ذؤيب.
(¬1) وهو مثال لإمكان الجمع في حالة العموم والخصوص الوجهي.
(¬2) روى مسلم (831)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الأوقات التي نهي عن الصَّلاة فيها، من حديث عقبة بن عامر الجهني قال: ثلاث ساعات كان رسول الله -صَلَّى الله عليه وسلم - ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشَّمس بازغة حتَّى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتَّى تميل الشَّمس، وحين تَضيَّفُ الشَّمس للغروب حتَّى تغرب.
(¬3) رواه ابن الجارود في "المنتقى" (239)، وأبو يعلى في "مسنده" (3086)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (6129) عن أنس بن مالك بهذا اللفظ. وقد رواه مسلم (684)، كتاب: المساجد ومواضع الصَّلاة، باب: قضاء الصَّلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، عن أنس بن مالك -أيضاً- بلفظ نحوه.
(¬4) انظر: "الوسيط" للغزالي (2/ 36).
(¬5) رواه أبو داود (1267)، كتاب: الصَّلاة، باب: من فاتته الصَّلاة، متى يقضيها؟، وابن ماجه (1154)، كتاب: الصَّلاة، باب: ما جاء فيمن فاتته الركعتان قبل صلاة الفجر متى يقضيها؟، والإمام أحمد في "المسند" (5/ 447)، وابن =