كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 1)

هذا في تقديم أَحَدِ المُتَعارِضَيْنِ على الآخَرِ (¬1).
وقد يُقضى لِكُلِّ واحدٍ من المُتعارِضَينِ على معارضه من الطَّرَفَينِ جَميعاً؛ لقيامِ الدليلِ (¬2)، وذلكَ كما رُوي عنه - صلى الله عليه وسلم -: "خَيرُ الشُّهودِ مَنْ شِهَد قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ" (¬3)، مع ما رُويَ عنهُ: "شَرُّ الشُّهودِ مَنْ شَهِدَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ" (¬4)، فقال أصحابُه:
¬__________
= أبي شيبة في "المصنف" (2/ 59)، والطبراني في "المعجم الكبير" (18/ 937)، والدارقطني في "سننه" (1/ 384)، والحاكم في "المستدرك" (1018) عن قيس بن عمرو بلفظ: "رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يصلِّي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال رسول الله -صَلَّى الله عليه وسلم -: "صلاة الصبح ركعتان"، فقال الرجل: إنِّي لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما، فصليتهما الآن، فسكت رسول الله -صَلَّى الله عليه وسلم -.
(¬1) قلت: في هذا نظر؛ لأنَّ المثال الثَّاني لا تقديم فيه، وإنَّما هو للجمع.
وانظر: "اللمع" للشيرازي (ص: 87)، و "شرح مختصر الروضة" للطوفي (3/ 733).
(¬2) هذه حالة كون كل من الدليلين عامًا من كل وجه، انظر تطبيق المثال في: "اللمع" للشيرازي (ص: 85)، و "نهاية السول" للإسنوي (2/ 974)، و "شرح مختصر الروضة" للطوفي (3/ 732)، و "الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (1/ 360)، و "مذكرة في أصول الفقه" للشنقيطي (ص: 269).
(¬3) رواه مسلم (1719)، كتاب: الأقضية، باب: بيان خير الشهود. عن زيد بن خالد الجهني: أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها"، ورواه ابن ماجه عن زيد بن خالد أيضاً (2364)، كتاب: الأحكام، باب: الرجل عنده الشهادة لا يعلم بها صاحبها، بلفظ: "خير الشهود من أدَّى شهادته قبل أن يسألها".
(¬4) رواه الإمام أحمد في "المسند" (1/ 26)، وأبو يعلى في "مسنده" (143)، وابن حبان في "صحيحه" (15586)، والبيهقيّ في "السنن الكبرى" (5/ 387)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (11/ 202) عن جابر بن سمرة قال: خطب عمر النَّاس بالجابية، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام في مثل مقامي هذا فقال: "أحسنوا =

الصفحة 112