كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 1)

الأولُ: محمولٌ إذا شهدَ وصاحِبُ الحَقِّ لا يعلَمُ أنَّ لهُ شاهدًا، فإن الأَولى أن يشهدَ، وإن لم يُسْتشهَدْ؛ لِيَصِلَ المَشْهودُ له إلى حَقِّهِ.
والثاني: مَحْمولٌ عليهِ إذا عَلِمَ مَنْ لَهُ الحَقُّ أَنَّ له شاهِداً، فلا يجوزُ للشاهدِ أن يبدأَ بالشهادةِ قبلَ أن يستشهدَ؛ لما فيهِ منَ الحِرْصِ (¬1).
الثالثُ (¬2): تَعارُضُ النَّصَّين: ومن ضرورةِ تعارُضِهِما ولوازمِه أنهُ لا يقعُ إلَّا في وَقْتَينِ؛ أحدُهما بعدَ الآخَر، وحُكْم ذلكَ أن يُنْسَخَ الأولُ بالثاني (¬3). والنَّسْخُ واقعٌ في السُّنَّةِ (¬4)، وفي القرآنِ المَجيدِ؛ خلافًا لأبي مُسْلِمٍ الأَصْفَهانِيِّ، ولا الْتِفاتَ إلى مقالتهِ، فلا يُشْتَغَلُ بالرَّدِّ عليهِ مع وُرودِ النَّصِّ بذلكَ في الكتاب العزيز، قال اللهُ تَعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106].
* * *
¬__________
= إلى أصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم يحلف أحدهم على اليمين قبل أن يستحلف عليها، ويشهد على الشهادة قبل أن يستشهد ... ".
(¬1) انظر: "اللمع" للشيرازي (ص: 34).
(¬2) يعني: القسم الثالث من أقسام التعارض.
(¬3) انظر: "الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (1/ 360).
(¬4) انظر ذلك في: "اللمع" للشيرازي (ص: 120)، و"البرهان في أصول الفقه" للجويني (2/ 1301)، و "الإحكام" للآمدي (2/ 3/ 127)، و"شرح مختصر الروضة" للطوفي (2/ 266)، و "نهاية السول" للإسنوي (1/ 587)، و "الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (2/ 776)، و "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: 185).

الصفحة 113