كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 1)

وإن لم يدلَّ الدليلُ على أن المرادَ به أحدُهما، لا بِعَيْنْهِ، ففيه مذهبان:
أحدُهما، وهو مذهبُ الشافعيِّ وأكثرِ أصحابِه: أَنَّهُ بَيِّنٌ ظاهرٌ، فيُحمل على الجميع لغة وخطاباً، وقال القاضي أبو بكر: يحمل على الجميع احتياطاً.
والثاني (¬1): -وبه قالَ أبو حنيفةَ وأكثرُ الأصوليِّينَ- إنه مُشْكِلٌ، فلا يُحْمَل على شيءٍ منها إلا بِدليلٍ.
والكلامُ في تقرير المَذْهَبَيْنِ مذكور في كتبِ الأصول.
ثانيها: أن يُنقلَ فِعْلٌ، وذلك الفعلُ يحتمل حالينِ؛ فإنه مُشْكِلٌ لا يُعْقَلُ المُرادُ منهُ (¬2).
كما رويَ أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - جمعَ بينَ الصَّلاتَيْنِ فِي السَّفر (¬3)، والفِعْلُ لا يقع إلا في حالٍ واحدٍ من الحالَيْنِ، إمَّا أن يكونَ السَّفرُ طويلاً، أو قَصيراً، فهذا يُرجع في بيانِه إلى الأدِلَّةِ السمعيةِ.
ثالثها: أن يُنقل أَنَّه قَضى في واقعةٍ بحُكْمِ، والواقعةُ تحتملُ حالَيْنِ، فهو
¬__________
(¬1) في "ب" زيادة: "أي: المذهب الثاني".
(¬2) هذه المسألة هي: أن الفعل لا عموم له في أقسامه، لأنه يقع على صفة واحدة منها.
انظر ذلك في: "المحصول" للرازي (2/ 397)، و"الإحكام" للآمدي (1/ 2/ 272)، و"البحر المحيط" للزركشي (4/ 166)، و"المحلي مع حاشية البناني" (1/ 344)، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: 114).
(¬3) رواه الإمام أحمد في "المسند" (1/ 351)، والطبراني في "مسند الشاميين" (2696).

الصفحة 37