حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]، من بَيْنِ يَدَيْها، ومِنْ خَلفِها، ولا يأتيها إلاّ في المَأْتَى (¬1).
- وتكون في اللسانِ بمعنى (حيث)، ويُروى القولُ بهذا عن بعض علماء المدينةِ، وأنه ذهبَ إلى إباحةِ وَطْءِ المرأةِ في دُبُرها، حتى نسب ذلك إلى ابنِ عمرَ، ونافعٍ (¬2)، وابن المسيّبِ (¬3)، ومالكٍ (¬4)، ومعاذَ اللهِ سبحانه أن يصحَّ هذا عنهم.
ويدلّ عليه ما رواه النَّسائي عن أبي النضر أنه قال لنافعٍ مولى ابنِ عمرَ: قد أُكْثِرَ عليك القولُ أنك تقول عن ابن عمر: إنه أفتى أن تُؤْتى النساءُ في أدبارهن، قال نافعٌ: لقد كذبوا عليَّ، سأخبركَ كيفَ كانَ الأمر: إن ابنَ عمرَ
¬__________
(¬1) رواه ابن حبان في "صحيحه" (4197)، والنسائي في "السنن الكبرى" (11039)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 195)، وهذا لفظ البيهقي.
(¬2) قلت: ولم يثبت ذلك عنهما، فقد قال ابن كثير في "تفسيره" (1/ 464) وما بعدها، وبعد أن صحح إسناد حديث النسائي الذي سيذكره المؤلف، قال: وقد روينا عن ابن عمر خلاف ذلك صريحاً، وأنه لا يباح ولا يحل.
وانظر: "معالم التنزيل" للبغوي (1/ 291)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 238)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (1/ 226)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 1/ 90).
(¬3) وقد نسب ابن كثير في "تفسيره" (1/ 470) إلى ابن المسيب: أنه يقول بحرمة ذلك.
(¬4) قال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (2/ 1/ 88): وحكي ذلك عن مالك في كتاب له يسمى "كتاب السر"، وحذاق أصحاب مالك ومشايخهم ينكرون ذلك الكتاب، ومالك أجل من أن يكون له كتاب سِرّ، ووقع هذا القول في "العتبية" وقال فيه: وما نسب إلى مالك وأصحابه من هذا باطل، وهم مبرؤون من ذلك، انتهى.
وقال القرافي في "الذخيرة" (4/ 416): ونسبته إلى مالك كذب.