كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 1)

وثانيها: نهى (¬1) الله سبحانه عن قربان النساء في حال الحَيْض، وأمر (¬2) بإتيانهنَّ عند الطُّهْر (¬3)، ولو كان وَطْؤُهُنَّ في الدُّبُرِ حَلالاً، لما كانَ لنهيِهِ عن قربانهن معنًى.
وثالثها: التشبيه بالحَرْث قرينةٌ دالة على أحد المَعْنيين؛ بدليل أن الحَرْثَ لا يكونُ إلا في موضعِ الزرعِ، قال الشاعر: [من مجزوء الرمل]
إنَّما الأَرْحامُ أَرَضُو ... نَ لنا محترثات
فَعَلَينا الزَّرْعُ فيها ... وعلى اللهِ النَّباتُ (¬4)
وهذا تأويلُ الإمامِ مالك رضيَ الله تعالى عنه.
روى يونسُ بنُ عبدِ الأَعْلى، عن ابنِ وهبٍ: أنه قال: سألتُ مالكَ بنَ أنس، فقلت: إنهم حَكَوْا عنكَ أنك تَرى إتيانَ النساءِ في أدبارهن، فقال: معاذَ اللهِ! أليسَ أنتم قوماً عرَباً؟ فقلت: بلى، فقال: قال اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]، وهل يكونُ الحرثُ إلا في مَوْضِعِ الزرعِ أو موضع المنبت؟
وروى الدارَقُطْنِيُّ عن رجاله، عن إسرائيلَ بنِ رَوْح: أنه قال: سألتُ مالِكاً فقلت: يا أبا عبد الله! ما تقول في إتيان النساء في أدبارهن؟ فقال: ما أنتم عرب؟ هل يكونُ الحرثُ إلا في موضعِ الزرع، ألا تسمعونَ اللهَ تعالى يقول: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]، قائمة
¬__________
(¬1) في "ب": "نهي".
(¬2) في "ب":"وأمره".
(¬3) في "ب": "التطهر".
(¬4) أنشده ثعلب؛ كما ذكر أبو حيان في "البحر المحيط" (2/ 180)، والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (2/ 1/ 88)، والثعلبي في "تفسيره" (2/ 162).

الصفحة 404