كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 1)
الخامسة: العبيدُ يَدْخلون في الخِطاب للأحرار؛ كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 153] {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} [البقرة: 21] بِوَضْعِ اللُّغَةِ؛ لصلاحِ اللَّفْظِ لهمْ.
وهل يَدْخلون بعُرْفِ الشرع؟ اختلفَ أهلُ العِلمِ في ذلك (¬1):
فقال قوم: يَدْخلون، وصحّحَ في "جَمْعِ الجَوامِعِ" (¬2) دخُولَهُمْ في مَحَلِّ الإطلاقِ، ولا يَخْرُجون إلا بدليل.
وقال قَومٌ: لا يدخلونَ إلا بِدليل (¬3).
وقال أبو بكرٍ الرَّازِيُّ منَ الحَنَفِيَّةِ: إنَ كانَ الخطابُ لحقِّ الله تعالى، دخلوا، وإن كانَ لحقِّ العِباد، فلا يَدْخُلون (¬4).
والصَّحيحُ هو الأَوَّلُ، والدَّليُل عليه بعدَ اللغةِ استقراءُ آياتِ القرآنِ الكريمِ، فكلُّ حكمٍ أَطْلَقَ الكِتابُ الخِطَابَ، دَخَلوا فيه، ولم يُفْرَدوا فيه بالذِّكْرِ.
¬__________
= و"شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص: 162)، و"التمهيد في تخريج الفروع على الأصول" للإسنوي (ص: 126)، و"سلاسل الذهب" للزركشي (ص: 151)، و"البحر المحيط" (1/ 398)، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: 10).
(¬1) انظر هذه المسألة في: "اللمع" للشيرازي (ص: 60)، و"البرهان" للجويني (1/ 356)، و"الإحكام" للآمدي (1/ 2/ 289)، و"البحر المحيط" للزركشي (3/ 181)، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: 128).
(¬2) انظر: "جمع الجوامع مع المحلي وحاشية البناني" (1/ 427).
(¬3) قال أبو إسحاق الشيرازي في "اللمع" (ص: 21) وهذا خطأ؛ لأن الخطاب يصلح لهم، كما يصلح للأحرار.
(¬4) نسبه إليه الآمدي في "الإحكام" (1/ 2/ 289)، والأصفهاني في "بيان المختصر" (2/ 530)، والزركشي في "البحر المحيط" (3/ 182)، والشوكاني في "إرشاد الفحول" (ص: 128).
الصفحة 51