والذي يجوز تخصيصُه نطقُ الكتابِ والسُّنَةِ، والذي يجوزُ التَّخصيصُ بهِ الكتابُ والسُّنَةُ والإِجماع، وقد مضى في الفَصْل الذي قبل هذا أمثلةُ التَّخصيصِ بالكتاب والسُّنَةِ والإجْماعِ (¬1).
وأما التَّخصْيصُ بالقِياسِ، ففيِه خِلافٌ بين الأُصوليينَ، والصحيحُ جَوازُ التَّخصيصِ بهِ؛ لأنه دليلٌ، فَجازَ التخصيصُ بهِ كسائر الأدِلَّةِ (¬2)، ومثالُه قولُ اللهِ تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] , وقوله تعالى في الإماءِ: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] فهذا تخصيصٌ للأَمَةِ يُخْرِجُها منْ عُموم آيةِ الجَلْدِ، ثمَ قِيسَ العَبْدُ على الأَمَةِ، فَجُعِلَ حده خَمسينَ كَحَدها، فالآية مخصوصَةٌ بالأمَةِ باللَّفظ، ومخصوصَةٌ بالعبدِ بالقِياس على الأَمَةِ (¬3).
¬__________
= أما تخصيص العلة: ففيه مذاهب كثيرة، وقد منعه جمهور المحققين.
انظر: "التقريب والإرشاد" للباقلاني (3/ 85)، و"اللمع" للشيرازي (ص: 79)، و "الأحكام" للآمدي (1/ 2/ 300)، و"البحر المحيط" للزركشي (3/ 252).
(¬1) انظر: (ص: 55).
(¬2) انظر: "اللمع" للشيرازي (ص: 91): و "الإحكام" للآمدي (1/ 2/ 361)، و"نهاية السول" للإسنوي (1/ 528)، و"البحر المحيط" للزركشي (3/ 369)، و"الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (1/ 383).
(¬3) بقيت مخصصات أخرى يقول بها الجمهور؛ فالتخصيص بالحس، وبالمفهوم بنوعيه، وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وإقراره.
وهناك مخصصات أخرى اختلف العلماء فيها؛ كالتخصيص بمذهب الراوي، وقول الصحابي، والعادة، والسياق، وغيرها.
انظر: "التقريب والإرشاد" للباقلاني (3/ 172)، و "اللمع" للشيرازي (ص: 84)، و "نهاية السول" للإسنوي (1/ 532)، و"البحر المحيط" للزركشي (3/ 381)، و"الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (1/ 376) و "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص:160).