كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 1)

فإنْ كانَ ذلكَ في حكمٍ واحدٍ، وسببٍ واحدٍ، حُمِلَ المطلَقُ على المقيَّدِ بالاتفاق (¬1)، وذلكَ كتقييدِ اللهِ تعالى العدالةَ في شُهودِ الطَّلاقِ (¬2) والوَصية (¬3)، وإطلاقِها في البيع (¬4)، فالعدالةُ شرطٌ في الجميع (¬5).
وإنْ كانا في حكمٍ واحدٍ وسببينِ مختلفَيْنِ، نُظِرَ في المقيدِ:

فإن عارضَهُ مقيَّدٌ آخَرُ في ذلكَ الحُكْمِ، لم يُحْمَلِ المُطْلَقُ على المقيَّدِ في واحدٍ منهما؛ إذْ ليسَ أحدُهما أولى منَ الآخَرِ، وذلك مثلُ الصَّومِ في الظِّهارِ، قيده بالتَّتَابُعِ (¬6)، وفي المُتَمَتِّع (¬7) قَيَّدَهُ بالتفريقِ (¬8)، وأطلقَهُ في كَفّارة اليَمين (¬9)، فلا يُحملُ المطلَقُ في اليمينِ على واحدة منهما.
وكذلكَ إذا تجاذبَ المُطْلَقَ ثلاثُ تقييداتٍ؛ كما ورد في نجاسَةِ الكلب، قيدهُ في رواية: بالأُولى، فقال: "أُولاهُنَّ بالتُّرابٍ" (¬10)، وفي
¬__________
= للآمدي (2/ 3/ 6)، و"بيان المختصر" للأصفهاني (2/ 588)، و "نهاية السول" للإسنوي (1/ 550)، و"الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (1/ 428).
(¬1) انظر: "الأحكام" للآمدي (2/ 3/ 7)، و"نهاية السول" للإسنوي (1/ 550)، و"البحر المحيط" للزركشي (3/ 417)، و"الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (1/ 428)، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: 164).
(¬2) في قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2].
(¬3) في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 106].
(¬4) في قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282].
(¬5) لأن الحكم واحد وهو الإشهاد، والسبب واحد وهو ضبط الحقوق، والله أعلم.
(¬6) في قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [المجادلة: 4].
(¬7) في "ب": "التمتع".
(¬8) في قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196].
(¬9) في قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} [المائدة: 89].
(¬10) رواه مسلم (279)، كتاب: الطهارة، باب: حكم ولوغ الكلب. عن أبي هريرة =

الصفحة 65