كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 1)

وإن لم يعارض المقيَّدَ مقيَّد آخرُ؛ كالرَّقَبَةِ في كَفّارة القَتْل (¬1)، والرَّقَبةِ في كَفّارةِ الظِّهار (¬2)، قُيِّدَتْ بالإيمانِ في القَتْلِ، وأُطْلِقَتْ في الظِّهار، حُمِلَ المُطْلَقُ على المُقيَّدِ عندَ الشافعيَّةِ، ولا يُحْمَلُ عليهِ عندَ الحَنَفِيَّةِ (¬3).
وقد (¬4) أعرضتُ عن ذكرِ الحُجَجِ والأدلَّةِ هُنا، وفي غيرهِ من المواضِعِ إلا قليلاً؛ لأنَّ قصدي بيانُ تصَرُّف العربِ في لُغَتِها واتِّساع معانيها.
وهذا الكلامُ في الإطلاقِ والتقييد في الحكم المتعلق بخطابَيْنِ.

* وأما الحكمُ المُعَلَّقُ بخطابٍ مقيَّدٍ بصفةٍ من الصفات، أو بشرطٍ من الشروطِ، ففيهِ أيضًا خِلافٌ عندَهُم (¬5).
- أمّا الحكمُ المعلَّق على الشرطِ، فإنه يدلُّ على أنَّ ما عَداهُ بخلافِهِ عندَ أكثرِ أهلِ العلمِ بشرائطِ الاستدلالِ (¬6).
¬__________
(¬1) في قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92].
(¬2) في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3].
(¬3) وقد وافق الحنفيةَ أكثرُ المالكية وبعضُ الشافعية. انظر: "التقريب والإرشاد" للباقلاني (3/ 308)، و"المحصول" للرازي (3/ 144)، و"الإحكام" للآمدي (2/ 3/ 7)، و"نهاية السول" للإسنوي (1/ 552)، و"المحلي مع البناني" (2/ 51)، و"الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (1/ 431)، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: 165).
(¬4) "قد" ليس في "أ".
(¬5) وهذا ما يسمى بمفهوم المخالفة.
(¬6) التعليق على شرطٍ نوعٌ من أنواع مفهوم المخالفة، وقد قال به أكثر أهل العلم.
انظر: "التقريب والإرشاد" للباقلاني (3/ 363)، و"الإحكام" للآمدي (2/ 3/ 96)، و"روضة الناظر" لابن قدامة (2/ 131)، و"بيان المختصر" للأصفهاني (2/ 641)، و"نهاية السول" للإسنوي (1/ 368)، و"الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (1/ 198).

الصفحة 67