كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 1)

القول في الحقيقة والمجاز
والحقيقةُ: هي: الكلامُ الباقي على وَضْعِه الذي وُضِعَ له، ولم يُعْدَلْ بهِ عنه.
وهي مأخوذةٌ من الحَقِّ، وهو الشيءُ الثابتُ الواجب، وهو أكثرُ القرآنِ العظيمِ (¬1)؛ يقول الله الكريم تبَارَك وتَعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 2 - 4].

والمَجازُ: مأخوذ من الجَواز، وهو العُبورُ، فتأويل قولنا: مجازٌ، أَي: إن الكلامَ الحقيقيَّ يمضي لسبيلهِ، ولا يعترضُ عليه، وقد يكون غيرهُ يجوزُ جوازَهُ لقربهِ منه، وهو من أوسَعِ لِسانِ العربِ مجالاً، وأحسنِها اسْتِعْمالاً، فلا يوجد لهمْ شعرٌ ولا نثرٌ إلا وفيهِ المجازُ، ولا يَحْسُنُ الكلامُ في استعمالهم إلَّا به (¬2).
¬__________
(¬1) في "ب": "الكريم" بدل "العظيم".
(¬2) وقد أنكر وقوع المجاز في لغة العرب: الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، ونُسب إلى أبي علي الفارسي أيضًا. ولعله لا يصح عنه، والله أعلم.
انظر: "بيان المختصر" للأصفهاني (1/ 159)، و"البحر المحيط" للزركشي (2/ 180)، و"المحلي مع البناني" (1/ 308)، و"الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (1/ 214)، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: 23).

الصفحة 73