كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 1)

ولكن الحقيقةَ أكثرُ استعمالاً منه (¬1)، خلافًا لابن رَشيقٍ وابْنِ جِنِّي (¬2)، وقد وردَ القرآنُ العظيمُ (¬3) بالمَجاز (¬4) ليكونَ حُجةً على العربِ؛ إذ خاطبهُمْ بجَميع أنواعِ كلامِهم، ثم تحداهم بسورَةٍ من مثلِه (¬5)، وعجَزوا عنِ الإتيانِ بمثلِها، معَ قيام دواعيهم وتوفُرها على المُعارَضَةِ له؛ لِكَيْلا يقولوا: إنَّما عَجَزنا عن الإتيانِ بمثلِه لكونهِ بغير سُنَتِنا وخلافَ عادَتِنا؛ إذْ لمْ يجمعْ صنوفَ كلامِنا.
ولا نَظَرَ إلى خلافِ ابن داودَ؛ حَيثُ أنكرَ المَجاز في القُرآن، فالقرآنُ مَشْحونٌ بذلكَ (¬6)، وإنِ (¬7) اعترفَ بهِ وادَعى تأويلَه، كانَ الخلافُ في التسمية والعبارة.
¬__________
(¬1) انظر: "البحر المحيط" للزركشي (2/ 181)، و "المحلي مع البناني" (1/ 310)، و"الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (1/ 214)، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: 23).
(¬2) انظر: "الخصائص" له (2/ 447).
(¬3) في "ب": "العزيز" بدل "العظيم".
(¬4) وهو قول الجمهور خلافًا لداود الظاهري ومن قال بقوله. انظر: "اللمع" للشيرازي (ص: 38)، و"الإحكام" للآمدي (1/ 1/ 74)، و "المسودة" لآل تيمية (1/ 367)، و "بيان المختصر" للأصفهاني (1/ 160)، و"البحر المحيط" للزركشي (2/ 182)، و "الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (1/ 215)، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: 23).
(¬5) في قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 23].
(¬6) انظر أمثلة لذلك في: "اللمع" للشيرازي (ص: 39)، و "بيان المختصر" للأصفهاني (1/ 160)، و "البحر المحيط" للزركشي (2/ 182)، و"الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (1/ 215).
(¬7) في "ب": "فإن".

الصفحة 74