كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 1)
الرابع: النّقصان: وهو أن تنقصَ منَ الكلامِ اسما أو فِعْلاً أو حَرْفًا، فَتُضْمِرُهُ وتخفيهِ.
- فأما الاسمُ، فمثلُ قراءة الكِسَائي: (ألا يا اسجدوا) (¬1)، ومعناه: ألا يا هؤلاء اسجدوا، ومثل قول الشاعر (¬2): [البحر الطويل]
ألا يا اسْلَمي يا دَارَ مَيَّ على البِلَى ... ولا زَالَ مُنْهَلًّا بَجَرْعائِكِ القَطْرُ
ويُضمِرونَ "مَنْ" فيْقولون: ما في حَيّنا إلَّا لَهُ إِبلٌ، أَيْ: مَنْ لَهُ إِبلٌ. وفي كتاب الله: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (164)} [الصافات: 164] , {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159].
ويضمرون "هذا"، قال الشاعر: [البحر الطويل]
أأنتَ الهِلاَليُّ الذي كنت مَرَّةً ... سَمِعْنا بِهِ والأَرْحَبيُّ المُعَلَّفُ
أيْ: وهذا الأَرْحبِيُّ المُعَلَّفُ (¬3).
- وأما الأفعال، فنحو قولهم: أَهْلًا وسَهْلاً، ورعْيا وسَقْيًا، وقولهم:
¬__________
(¬1) قرأ بها الكسائي، ورويس، وأبو جعفر، والحسن، والشنبوذي، والمطوعي، وابن عباس، وأبو جعفر، والزهري، والسلمي، وحميد، وطلحة، ويعقوب، وقرأ الباقون: {ألّا يسجدوا} انظر: "إعراب القرآن" للنحاس (2/ 517)، "والتيسير" للداني (167)، و"تفسير الطبري" (19/ 93)، و"الحجة" لأبي زرعة (526)، و"السبعة" لابن مجاهد (480)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 337)، و"معجم القراءات القرآنية" (4/ 346).
قال ابن كثير في "تفسيره" (3/ 362): وقرأ بعض القراء: (ألا يا سجدوا) جعلها ألا الاستفتاحية، ويا للنداء، وحذف المنادى، تقديره عنده: ألا ياقوم اسجدوا لله.
(¬2) هو ذو الرّمة. انظر "ديوانه": (ق 15/ 1)، (1/ 559).
(¬3) يعني: بعيره؛ انظر: "الصاحبي في فقه اللغة" لابن فارس (ص: 387)، ونسبه إلى حميد بن ثور.
الصفحة 77