وحاصِلُ هذا البَحْثِ راجِعٌ إلى أنَّ تَقَدُّمَ الحَظْرِ (¬1) قرينة صارفة للأمرِ عنِ الوجوبِ والندبِ، ولم أَرَ أحدًا بينَ هذا المُشْكِلَ حتى وَجَدْتُ الإمَام أبا بكرٍ الشاشِيِّ الكبيرَ قدْ سَبَقَ إلى هذا (¬2)، وهو من أكبرِ الشافعيَّةِ، ومن شارِحي رسالةِ الإمامِ الشافعي، رضيَ اللهُ تَعالى عنهم.
* * *
الفصل الثاني في تَصَرُّفِ العَرَبِ بِصيغَةِ الأمرِ (¬3)
ولذلكَ وجوهٌ كَثيرةٌ، وكلُّها تُعْرَفُ بِمخرَجِ الكلامِ وسِياقه، وبالدّلاَلةِ القائِمَةِ من قرائنِ الأحوالِ ومُناسباتِ المقام.
الوَجْهُ الأولُ: أن يكون أمرًا ومعناهُ الوجوبُ، وهو الأصلُ والحَقيقَةُ
¬__________
= أراد أن يتزوجها، والإمام أحمد في "المسند" (4/ 246) عن المغيرة بن شعبة، وهذا لفظ الترمذي وأحمد.
(¬1) أي: على الأمر الثاني، والله أعلم.
(¬2) وقد ذهب إلى ما اختاره المصنف -رحمه الله-أيضًا: ابن كثير، ونَسَبَ ذلك الطُوفي إلى الأكثرين، وفي "القواعد" لابن اللحام: أن ذلك هو المعروف عن السلف والأئمة.
انظر: "تفسير ابن كثير" (1/ 9)، و"القواعد والفوائد الأصولية" لابن اللحام (2/ 579)، و "البلبل في أصول الفقه" للطوفي (ص: 86).
(¬3) المراد بذلك: أن صيغة الأمر ترد لمعانٍ كثيرة، أوصلها السبكي إلى ستة وعشرين معنى في "جمع الجوامع".
انظر للتوسع: "المستصفى" للغزالي (2/ 66)، و"البلبل" للطوفي (ص: 84)، و "الإبهاج" للسبكي (1/ 2/ 14)، و"مختصر المعاني" للتفتازاني (ص: 265)، و"غاية الوصول" لزكريا الأنصاري (ص: 64)، و"شرح عقود الجمان" للسيوطي (ص: 55)، و "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: 97).