كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 1)

غضب الله، وأن يكون الغضب بالنظر لتعدد أسبابه مترادفاً متكاثراً، وذلك معنى قوله تعالى: {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ}. ولصح أن يكون معنى قوله: {عَلَى غَضَبٍ} تأكيدَ وقوعهم تحت غضب الله، دون أن يراد منه ترادف الغضب وتكاثره.
{وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ}:
الكافرون: اليهود المتحدَّث عنهم في الآيات السابقة، وهم الذين عرفوا نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكفروا بها، وباؤوا بغضب على غضب. وعبر عنهم بالاسم الظاهر، فقال: {وَلِلْكَافِرِينَ} دون الضمير، فيقول: ولهم؛ تنبيهاً على الوصف الذي لحقهم العذاب المهين من أجله، وهو الكفر. ويصح حمل قوله تعالى: {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ} على أنه وعيد لكل كافر بما يجب الإيمان به، فيتناول أولئك اليهود في جملة من يتناولهم من سائر الكافرين. والمهين: المُذِل. والمهين في الحقيقة هو الله - جلَّ شأنه -، وإنما أسندت الإهانة إلى العذاب، فقال: {عَذَابٌ مُهِينٌ}؛ لأن الإهانة تحصل بعذابهم، ومن أساليب البيان: إسناد الأفعال إلى أسبابها، ومن دواعيه: كون الفاعل الحقيقي معلوماً، والإيجاز هو اللائق بالمقام.
* * *

الصفحة 166