كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 1)
بِسْمِ اللهِ الرَحَمَنِ الرَّحِيمِ (¬1)
{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96) قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98) وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (99) أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 96 - 100].
{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ}:
ادّعى اليهود - فيما قص الله تعالى عنهم آنفاً -: أن الدار الآخرة خالصة لهم، ولما كان شأن الصادق في دعوى: أنه إذا مات، صار إلى الجنة، لا يكره الموت، أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يطلب منهم على وجه التحدي النطق بتمني الموت إن كانوا صادقين، فلم يفعلوا، ولما كان في الناس من لا يتمنى الموت، ولا يشتد حرصه على الحياة، أخبر في هذه الآية أن أولئك اليهود في غاية الحرص على الحياة، فقال تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ}، فالضمير (هم) في قوله: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ} عائد على اليهود الذين أخبر
¬__________
(¬1) مجلة "لواء الإسلام" - العدد الثاني من السنة الثالثة.