كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 1)
من المودة، وهي المحبة. و {لَوْ} بمعنى أن المصدرية. و {يُعَمَّر}: من التعمير، وهو إطالة العمر، يقال: عمره الله؛ أي: أطال عمره. و {أَلْفَ سَنَةٍ}: كناية عن طول المدة التي يود أن يعيشها. والمعنى: يتمنى الواحد منهم أن يعيش السنين الكثيرة، ولو تجاوزت الحد الذي يبلغه الإنسان في العادة، ذلك أن التمني يقع على الجائز، والمستحيل وقوعه عادة.
{وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ}:
الضمير {هُوَ} عائد على {أَحَدُهُمْ}. و {بِمُزَحْزِحِهِ} من الزحزحة، وهي التبعيد والتنحية. والمعنى: ما أحد منهم يُبعده وينحِّيه تعميره من العذاب.
{وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}:
هذه الجملة تهديد ووعيد لأولئك اليهود الذين ورد في الآيات السابقة ذكر مساويهم، وتبين أنهم كاذبون في دعوى أنهم أهل الجنة المختصون بنعيمها.
و {بَصِيرٌ} من البصر، وهو إدراك المرئيات، وقد يراد به: العلم، يقال: إن لفلان بصراً بهذا الأمر؛ أي: معرفة، وعلى هذا الوجه تفسر الآية. والمعنى: أن الله عالم بأعمالهم، محيط بما يسرون منها وما يعلنون، فهو مجازيهم عنها كما يشاء.
{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ}:
سبب نزول هذه الآية - كما جاءت به الروايات، وأجمع عليه أهل التفسير -: أن اليهود في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: إن جبريل عدونا، قالوا هذا عندما سمعوا أن جبريل هو الذي ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - بالوحي، وأرادوا من هذا: أنهم لا يؤمنون بوحي يجيء به عدوهم. وهذا نوع من منكرات أقوالهم.