وأما القول بأنه حذف البخاري تلك الجملة لإشكالها فقول باطل، وكيف يطوى بعض ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه مشكل، فهذا لا يفعله مؤمن، بل يجب رواية ما قاله - صلى الله عليه وسلم - ونبين وجه إشكاله ووقفه مما في كلامه مشكل نظر.
قوله: "والنسائي مسنداً" (¬1):
أقول: المسند (¬2): ما اتصل سنده بالمخبر عنه هذا، وقد أخرجه أبو ذر الهروي (¬3) في روايته لصحيح البخاري موصولاً، ووصله الحسن بن سفيان (¬4)، والبيهقي في شعب الإيمان (¬5) من طرق لهم.
قوله: "قربها":
أقول: في الجامع: الزلفة تكون في الخير والشر، وفي المشارق (¬6): زَلَف بالتخفيف.
أي: جمع وكسب، وهذا يشمل الخير والشر، أما القربة، فلا تكون إلا في الخير.
والحديث قد استعمل الزلفة في الخير والشر كما عرفت.
¬__________
(¬1) في "السنن" (4998) وقد تقدم.
(¬2) قال صاحب البيقونية:
والمسند المتصل الإسناد من ... راويه حتى المصطفى ولم يَبن
وحكم المسند: قد يكون صحيحاً, أو حسناً، وقد يكون ضعيفاً.
(¬3) قال: أخبرنا النضروي - وهو العباس بن الفضل - حدثنا الحسن بن إدريس، حدثنا هشام بن خالد، حدثنا الوليد بن مسلم عن مالك به. كما في "تغليق التعليق" (2/ 44) و"الفتح" (981 - 99) وفي "هدي الساري" (ص 20) باختصار وفي "عمدة القاري" (1/ 286).
(¬4) كما في "الفتح" (1/ 99).
(¬5) في "الشعب" رقم (24).
(¬6) في "المشارق" (1/ 310).