كتاب بحوث في قضايا فقهية معاصرة

أيضا؟ الظاهر: لا. فكيف يقال: إن التعويض موافق للأرباح الفعلية الحاصلة في خلال مدة المماطلة؟ وهناك جهة أخرى جديرة بالتأمل في هذا الموضوع وهي أن نسبة الأرباح الحاصلة في حساب الاستثمار تكون أقل دائما من نسبة الربح في عقود المرابحة والإجارة، فلو أراد المدين الخيانة، لأمكن له أن يستمر في صرف المبالغ إلى مشروعات تدر ربحا أكثر مما يحصل في المصرف على حساب الاستثمار، فيدفع قليلا من التعويض، ويحصل على ربح أكثر منه فيستمر في مماطلته إلى ما شاء من مدة. فيرجع نفس المحذور الذي لجأت المصارف إلى التعويض من أجله.
فاقتراح فرض التعويض على المماطلين اقتراح لا أعتقد أنه يحل مشكلة المماطلة، لا من جهة الشرع، ولا من الناحية العملية. فما هو الحل إذن؟ والحل الحقيقي لهذه المشكلة ما قدمناه في أول كلامنا في هذا الموضوع، ولكن ذلك إنما يفيد إذا أصبحت المصارف كلها تعمل على أسس شرعية. أما في الظروف الحاضرة التي لا توجد فيها المصارف الإسلامية إلا بعدد قليل، بالنسبة إلى المصارف الربوية التقليدية التي هي مبثوثة في أنحاء العالم كله، فيمكن أن تلجأ المصارف الإسلامية إلى حل مؤقت آخر، وهو أن يلتزم المدين عند توقيعه على اتفاقية المرابحة أو الإجارة بأنه إذا قصر في أداء واجبه المالي، فإنه سوف يتبرع بمبلغ معلوم النسبة من الدين إلى بعض الجهات الخيرية.

الصفحة 44