كتاب تفسير الثعالبي - مؤسسة الأعلمي (اسم الجزء: 1)

ليست اليهود متبعة قبلة النصارى ولا النصارى مبتعة قبلة اليهود فهذا إعلام باختلافهم وتدابرهم وضلالهم وقبلة النصارى مشرق الشمس وقبلة اليهود بيت المقدس
وقوله تعالى ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم الآية خطاب للنبي ص - والمراد أمته وما ورد من هذا النوع الذي يوهم من النبي ص - ظلما متوقعا فهو محمول على إرادة أمته لعصمة النبي ص - وقطعا أن ذلك لا يكون منه وإنما المراد من يمكن أن يقع ذلك منه وخوطب النبي ص - تعظيما للأمر قال الفخر ودلت هذه الآية على أن توجه الوعيد على العلماء أشد من توجهه على غيرهم لأن قوله من بعد ما جاءك من العلم يدل على ذلك انتهى وهو حسن
ص
ولئن أتيت لام لئن مؤذنة بقسم مقدر قبلها ولهذا كان الجواب له ما تبعوا ولو كان للشرط لدخلت الفاء وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه ومن ثم جاء فعل الشرط ماضيا لأنه إذا حذف جوابه وجب فعله لفظا انتهى
وقوله تعالى الذين أتيناهام الكتاب يعرفونه الآية الضمير في يعرفونه عائد على الحق في القبلة والتحول إلى الكعبة قاله ابن عباس وغيره وقال مجاهد وغيره هو عائد على محمد ص - أي يعرفون صدقه ونبوءته
ت
بل وصفاته وإن فريقا منهم ليكتمون الحق الفريق الجماعة وخص لأن منهم من أسلم ولم يكتم والإشارة بالحق إلى ما تقدم على الخلاف في ضمير يعرفونه وهم يعلمون ظاهر في صحة الكفر عنادا وقوله تعالى من ربك أي هو الحق فلا تكونن من الممترين الخطاب للنبي ص - والمراد أمته وامترى في الشيء إذا شك فيه ومنه المراء لأن هذا يشك في قول هذا
وقوله تعالى ولكل وجهة الوجهة من المواجهة كالقبلة والمعنى ولكل صاحب ملة وجهة هو موليها نفسه قاله ابن عباس وغيره

الصفحة 117