كتاب تفسير الثعالبي - مؤسسة الأعلمي (اسم الجزء: 1)

وقرأ ابن عامر هو مولاها أي الله موليها إياهم ثم أمر تعالى عباده باستباق الخيرات والبدار إلى سبيل النجاة وروى ابن المبارك في رقائقه بسنده أن النبي ص - قال من فتح له باب من الخير فلينتهزه فإنه لا يدري متى يغلق عنه انتهى ثم وعظهم سبحانه بذكر الحشر موعظة تتضمن وعيدا وتحذيرا
ص
أينما ظرف مضمن معنى الشرط في موضع خبر كان انتهى
وقوله يأت بكم الله جميعا يعني به البعث من القبور
وقوله تعالى ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعلمون معناه حيث كنت وإني توجهت من مشارق الأرض ومغاربها وكررت هذه الآية تأكيدا من الله سبحانه لأن موقع التحويل كان صعبا في نفوسهم جدا فأكد الأمر ليرى الناس التهمم به فيخف عليهم وتسكن نفوسهم إليه
وقوله تعالى ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة الآية المعنى عرفتكم وجه الصواب في قبلتكم والحجة لذلك لئلا يكون للناس عليكم حجة والمراد بالناس العموم في اليهود والعرب وغيرهم إلا الذين ظلموا منهم أي من المذكورين ممن تكلم في النازلة في قولهم ما ولاهم عن قبلتهم
وقوله تعالى فلا تخشوهم واخشوني الآية فيه تحقير لشأنهم وأمر بإطراح أمرهم ومراعاة أمره سبحانه قال الفخر وهذه الآية تدل على أن الواجب على المرء في كل أفعاله وتروكه أن ينصب بين عينيه خشية ربه تعالى وأن يعلم انه ليس في أيدي الخلق شيء البتة وأن لا يكون مشتغل القلب بهم ولا ملتفت الخاطر إليهم انتهى قال
ص
إلا الذين استثناء متصل قاله ابن عباس وغيره أي لئلا تكون حجة من اليهود المعاندين القائلين ما ترك قبلتنا وتوجه للكعبة إلا حبا لبلده وقيل منقطع أي لكن الذين

الصفحة 118