كتاب الاصطلام في الخلاف بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة (اسم الجزء: 1)

يدل عليه أنه لو كانت الطهورية بالضرورة وجب أن يكون بقدر الضرورة، والضرورة تزول بالماء الجاري، والماء العذب. فينبغي ألا تثبت هذه الصفة للماء الراكد والماء الأجاج، وحين تثبت لجميع أنواع المياه عرفنا أنها غير ثابتة ضرورة.
قالوا: وأما طهارة الحدث فغير معللة بالإزالة، لأنه ليس هناك عين تزال إنما هي حكم بلا عين.
فإن قلتم: فيبطل إذا تعليلكم للطهورية بالإزالة.
قال: لا يبطل، لأن الحكم إذا ثبت في محل النص وعلل وعدى الحكم إلى فرع فالحكم في الفرع يثبت بالمعنى، وفي الأصل بالنص لا غير.
وهذا لأن النص مغنى عن طلب المعنى في محل النص، وإنما ظهور عمل المعنى في الفرع فحسب.
قالوا: وكذلك نقول في الأشياء الستة مع فروعها، وهذا لأن التعليل ليس إلا التعدية، وطلب الحكم في الفرع، ولهذا نقول: إن العلة التي لا تكون متعدية لا تكون علة، وإذا عرف هذا الأصل فالطهورية للماء ثابتة بالنص فحسب، والتعليل لإثبات هذا الحكم فيما وراءه فيكون ثبوته في الفرع أعني المائعات لعلة الإزالة وفي الأصل بالنص لا غير، وإذا كان ثباتاً في الأصل لا بعلة الإزالة ظهر عمله في موضع الإزالة وغير موضع الإزالة، وذلك في طهارة الحدث.
وأما الخل وماء الورد لما ثبتت الطهورية فيهما بعلة الإزالة عمل في موضع الإزالة ولم يعمل في غير موضع الإزالة.

الصفحة 46