كتاب مقارنة المرويات (اسم الجزء: 1)

هناك مصطلحات كثيرة تستخدم في مقارنة المرويات، يأتي بعضها في مباحثه الخاصة، ولكن هناك مصطلحات يكثر دورانها ولا تختص بقضية معينة، ومن هذه المصطلحات: المدار، والوجه، والمتابعة، والشاهد.
فأما المدار فهو راو تدور عليه أسانيد أحاديث معينة، أو أسانيد حديث واحد، ومعنى دورانها عليه أنها كلها تجتمع عنده، وترجع إليه.
فلو نظرنا في حديث أبي هريرة الماضي في الفصل السابق، وهو حديث: «كلمتان خفيفتان على اللسان ... » لوجدنا أن له طرقا كثيرة، كلها ترجع إلى أحد رواة الإسناد، وهو محمد بن فضيل، ومن محمد إلى أبي هريرة إسناده واحد، فنقول عن محمد بن فضيل: عليه مدار طرق حديث أبي هريرة.
وحديث أنس: «أن أبا طلحة سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أيتام ورثوا خمرا ... »، له طرق في طبقاته الأولى، حتى وصل الحديث إلى يحيى بن عباد راويه عن أنس، فلم يشاركه أحد في الرواية عن أنس، فيحيى بن عباد إذن يقال عنه إنه مدار حديث أنس هذا.
وحديث أنس: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قاعدا في المسجد، إذ جاء أعرابي فبال في المسجد ... »، له أيضا طرق في جميع طبقاته، فمداره إذن هو صحابيه أنس بن مالك.
فإن لم يكن للحديث سوى إسناد واحد فليس له حينئذ مدار.
وما تقدم هو المدار المطلق، ومعناه أن الحديث كل طرقه ترجع إلى صاحب المدار، ولا يخرج عن هذا الإطلاق شيء، وفي المقابل هناك مدارات نسبية، ليس

الصفحة 43