كتاب المفاتيح في شرح المصابيح (اسم الجزء: 1)

في الحواشي، فصار الرواة المذكورون في متن الكتاب كثيرًا، والمتروكون ذكرهم قليلًا، فإذا كان كذلك فقد صحَّ قول المصنف: وربما سميت في بعضها الصحابي؛ لأن ما أورده كان قليلًا، فكثَّره النساخون في المتن، والدليل على هذا وِجْداننا نسخَ هذا الكتاب مختلفةً في ذكر الرواة؛ فبعضُ النسخ يكون فيه راوٍ، ولم يكن ذلك الراوي في نسخة أخرى، ولذلك أكثر النسخ متفاوتة.
"لمعنى دعا إليه"؛ يعني: لا حاجة إلى أن أذكر الصحابي ولا غيره من الرواة؛ لأن رواة أحاديث كتابي هذا مذكورة في كتب الأئمة، ولكن ذكرت لبعض الأحاديث الصحابي الذي يرويه عن رسول الله - عليه السلام - لما في ذكره [من] احتياج، وذلك الاحتياجُ يكون من وجوه:
أحدها: أن يكونَ للحديث رواةٌ كثيرة من الصحابة بألفاظ مختلفة، كلُّ واحد يرويه بلفظ آخر، فإن لم أذكر الصحابي، لم يُعرَف أن هذه العبارة روايةُ أيِّ صحابي من الذين يروون ذلك الحديث، فلأجل أن يُعلم أن ذلك الألفاظ رواية أيهم، ذكرت صحابيَّ ذلك الحديث.
والثاني: أن يروي الحديثَ جماعةٌ، وفي رواية بعضهم ضعف أو إنكار؛ إما بجهالة الراوي، أو يكون الحديث مرسلًا أو منقطعًا وغير ذلك، وليس في رواية بعضهم ضعف وخلل، فحينئذ لا بدَّ من ذكر الصحابي حتى يعلمَ المحدثون أن هذا الراوي من الذين في روايتهم ضعف، أم من الذين ليس في روايتهم ضعف.
والثالث: أن يكون الحديثُ يعارضه حديثٌ آخر، ويكون أحدُ الحديثين المتعارضين منسوخًا، فلا بد ههنا من ذكر الصحابي حتى يُعلَم كونه متقدمًا في الإسلام أو متأخرًا، مثل أن يروي أحدٌ حديثًا، ومات في السنة الثانية من الهجرة، وأسلم في السنة الثالثة أحدٌ، وروى حديثًا يعارض حديث الصحابي

الصفحة 26