كتاب المفاتيح في شرح المصابيح (اسم الجزء: 1)

الذي مات في السنة الثانية، فيُعلَم أن حديثَ الصحابيِّ الذي أسلم في السنة الثالثة ناسخٌ لحديث الصحابي الذي مات في السنة الثانية إذا كان الحديثان متناقضين؛ لأن التناقضَ في الشرع غيرُ جائز.
والرابع: أن يروي أحد حديثًا فيه حكمٌ مطلق، ويروي آخر ذلك الحديث، وقد قيَّد في روايته هذا الحكم الذي كان مطلقًا في رواية ذلك، فلا بدَّ من ذكر الصحابي حتى يتميَّز راوي الحديث المقيد من راوي الحديث المطلق، مثاله: عن علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله عليه السلام: "وكاءُ السهِ العينان، فمن نامَ فليتوضَّأ"، أطلق الحكمَ في هذا الحديث، ولم يبيِّن أن الوضوء على من نام قاعدًا أو مضطجعًا.
وروى ابن عباس: أن النبي - عليه السلام - قال: "إن الوضوء على من نام مضطجعًا، فإنه إذا اضطجعَ استرخَتْ مفاصلُهُ"، فقيَّد في هذا الحديث وجوبَ الوضوء على من نام مضطجعًا.
"وتجدُ أحاديثَ كلَّ باب منها تنقسم إلى صحاح وحسان".
و (تجد)؛ أي: وتجد أيها المخاطب، (منها)؛ أي: من الأحاديث المجموعة في هذا الكتاب؛ يعني: تجد أحاديث كل باب من الأحاديث المجموعة في هذا الكتاب ينقسم على قسمين: أحدها: صحاح، والآخر: حسان، وقد ذكر الأحاديث الصحاح والحسان قبل هذا في مقدمة الكتاب.
"أعني بـ (الصحاح): ما أخرجه الشيخان، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري رحمه الله" أشار بقوله: (أعني) [إلى] أن الصحاح والحسان اصطلاحٌ وضعه هو، وليس شيئًا وضعه المتقدمون؛ لأنه لو كان شيئًا وضعه المتقدمون لقالَ: عنوا، وما قال: أعني.

الصفحة 27