كتاب المفاتيح في شرح المصابيح (اسم الجزء: 1)

تبلغ غاية شرط الشيخين اللذين هما صاحبا الصحاح، وشرط أصحاب الحسان في مقدمة الكتاب.
"إذ أكثر الأحكام ثبوتها بطريق حسن"؛ يعني: الأحاديث الحسان التي أوردها الأئمة الخمسة المذكورة كلُّها مرتبة على أبواب الأحكام: من الطهارة، والوضوء، والغسل، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والبيع، والنكاح، والجنايات، وغير ذلك من الأحكام، والأحكامُ لا تثبت إلا بحديث منقول عن العدول، وهذا بخلاف من رتَّب أحاديث كتابه بإسناد كل واحد من الصحابة والتابعين؛ فإنه إذا أراد أن يذكر جميع ما يرويه أبو هريرة مثلًا، لا بدَّ أن يذكر كلَّ حديث يرويه أبو هريرة سواء كان راويه من التابعين أو أتباع التابعين أو غيرهم عدلًا أو غير عدل، فمن رتَّب كتابه على هذا الترتيب، لا يمكنه أن يذكر في كتابه الأحاديث المنقولة في الكتب المعتبرة المصنفة قبله.
و (إذ) في قوله: (إذ أكثر الأحكام) للعلة؛ يعني: علة قولي: و (أكثرها صحاح بنقل العدل عن العدل): أن أحاديث هذه الأئمة مرتبة على الأحكام، والأحكام لا تثبت إلا بأحاديث معتبرة. هذا ما قاله أحدٌ في شرح قوله: إذ أكثر الأحكام ثبوتها بطريق حسن.
ويحتمل أن يكون المراد من قوله: إذ (أكثر الأحكام) أن أحكام الشرع التي أجمع عليها الأئمة مثل الشافعي، وأبي حنيفة، ومالك، وأحمد بن حنبل وغيرهم من الأئمة وأتباعهم ليس كلها ثابتة بالأحاديث المروية على شرط البخاري والمسلم، بل أكثر الأحكام ثابتة بالأحاديث المروية على شرط أصحاب الحسان. "وما كان فيها من ضعيف أو غريب أشرت إليه"؛ يعني: للأحاديث ألقاب كالضعيف، والغريب، والمرسل، والمنقطع، والمنكر، وغير ذلك، فكلُّ واحد من هذه الألقاب قد ذُكِرَ في مقدمة الكتاب.

الصفحة 29