كتاب المفاتيح في شرح المصابيح (اسم الجزء: مقدمة)

* كما عُني - رحمه الله - ببيان غريب الكلمات والألفاظ معتمدًا على أمَّهات كتبِ اللغة والغريب؛ ككتاب "الصِّحاح" للجوهري، و"الفائق" للزمخشري، وغيرهما، فكان يختصرُ كلامَهم في شرح لفظةٍ ما ويذلِّل سَوقَها بعباراتٍ بسيطةٍ قريبةٍ من أفهام المُطالعين على اختلاف درجاتهم.
* كما نَثَرَ - رحمه الله - جملةً من المسائل الفقهية مما لها متعلَّقٌ بالحديث، مقدِّمًا في غالب الأحيان مذهبَي الإمامَين أبي حنيفة والشَّافعي - رحمهما الله - في الذِّكر، وناقلًا أكثرَ كلامَيهما وكلامَ الفقهاء الآخرين من "شرح السنة" و"التهذيب" للإمام البَغَويِّ رحمه الله تعالى.
* وظهر في الشرح أنَّ المؤلفَ - رحمه الله - يسيرُ على مذهب الأشاعرة في مباحث الاعتقاد، وذلك في تأويل الصِّفات الفعلية والخبريَّة للباري سبحانه وتعالى؛ كالضَّحك والغَضَب والفَوقيَّة وغيرها.
وذلك كقوله في حديث: "لا أحد أحبّ إليه المِدْحة ... "، قال رحمه الله: اعلم أن الحبَّ فينا والغضب والفرح والحزن وما أشبه ذلك: عبارة عن تغيُّر القلب وغَلَيانه، ويزيد قدرُ واحدٍ مِنَّا بأن يمدحه أحدٌ، وربما ينقص قدرُه بترك المدح، والله تعالى منزَّه عن صفات المخلوقات، بل الحبُّ فيه معناه: الرِّضا بالشيء وإيصالُ الرحمةِ والخير إلى مَنْ أحبَّه، والغضبُ فيه إيصالُ العذابِ إلى مَنْ غَضِبَ عليه؛ يعني: مَن مَدَحَه أوصلَ إليه الرحمةَ والخير (¬1).
وكقوله في حديث: "لو أنَّ السماواتِ السبع وعامِرُهنَّ غيري"، قال: هذا مشكل على تأويل العامر بالسَّاكن، فإنَّ الله ليس بساكن السماواتِ والأرض، بل
¬__________
(¬1) انظر: (4/ 114).

الصفحة 23