كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 1)

"ولا يعرفه منا"؛ أي: من الصحابة "أحد" وإلا فالرسول - صلى الله عليه وسلم - قد كان يعرفه.
"حتى جلس"؛ أي: الرجل "إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - "؛ أي: إلى جانبه أو معه، (حتى) متعلق بمحذوف تقديره: استأذن وأتى حتى جلس، أو متعلق بقوله: طلع، و (جلس) بمعنى: قرب بقرينة (إلى)؛ أي: حتى قرب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أي: جلس بقربه.
"وأسندَ ركبتيه إلى ركبتيه"؛ أي: ألصقهما إلى رُكبتي النبي - صلى الله عليه وسلم -. فيه إشارةٌ إلى أن هذه الجلسة كانت كجلسة المتشهد، إلا أنه كان مفترش القدمين يتحقق إسناد الركبتين.
"ووضع"؛ أي: جبرائيل عليه السلام "يديه على فخذيه"؛ أي: فخذي النبي - صلى الله عليه وسلم - طلباً لإحضاره؛ ليكون أبلغَ في الاستماع إلى كلام جبرائيل عليه السلام.
وقيل: الضمير في (فخذيه) راجعٌ إلى جبرائيل، وهذا أقربُ إلى التواضع؛ لأنه جاء على صورة المتعلم، ومن شأنه التواضعُ وتوقيرُ المعلم.
وفي هذا رخصةُ دنوِّ السائل من المسؤول لأجل الاستكشافِ بهيئة الأدب.
"فقال: يا محمد أخبرني"؛ أي: أعلمني "عن الإيمان فقال: الإيمان أن تؤمن بالله"؛ أي: تصدق جزمًا بوجوده بأنه موجودٌ واحدٌ قديم أزلي متصفٌ بما يليق به من صفات الكمال.
"وملائكته"؛ أي: تعتقد بأنهم عباد الله لا يَفتُرون عن عبادته لحظةً، جمع (ملك)، أصله: (مَأْلَك) من (الألوكة)، وهي الرسالة، فقُدِّم اللامُ على الهمزة، فصار (ملأكاً)، ثم حُذِفت الهمزة لكثرة الاستعمال، وإذا جُمعَ رُدَّت، والتاء لتأكيد الجمع.

الصفحة 21