كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 1)

كأنك تنظر إليه، فإنَّ إطاعةَ الملك في حضرته تزيدُ المطيعَ جداً ونشاطاً في العمل وطمعاً في معروفه وخوفاً من تأديبه في تقصيره وتفريطه، وذلك واقعٌ لاطلاع الملك على حاله، وهو المراد من قوله: (فإنه يراك) بكلمة التحقيق.
وإنما قال في رؤبة العبد: (كأنك تراه) بكلمة التشبيه، وهو من باب التشبيه بالمخيَّل الذي لا وجودَ له، لاسيما عند من لا يجوِّز الرؤيةَ أصلاً، والجملة حال.
قيل: ترك قوله: (صدقت) في هذا الجواب وقعَ من إغفال بعض الرواة، وفي "كتاب مسلم" مذكور في الأجوبة الثلاثة.
"قال: فأخبرني عن الساعة"؛ أي: عن وقت قيام الساعة، وإنما استعيرت لاسم يوم القيامة؛ لأن [في] ذلك اليوم ساعةً حقيقة يقع فيها أمر عظيم، فلقلةِ الوقتِ سميت بها.
"قال: ما المسؤول عنها"؛ أي: عن الساعة، أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - به نفسه.
"بأعلمَ من السائل"؛ يعني: كلانا في عدم علمها سواء، بل هو مختصٌ بالثه تعالى، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34]، والغرضُ منه قطعُ الطمع عن معرفة وقتها؛ لأنهم لا يزالون يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها، قال الله تعالى: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 63].
"قال: فأخبرني عن أماراتها"؛ أي: علاماتها.
"قال: أن تلد الأمة": عن مولاها.
"ربتها": أنَّثَها على إرادة البنت، فتناول الابن بطريق الأولى، أو على تأويل النفس والتسمية، أو على كراهة إطلاق الرب تعظيمًا لجلال رب العباد، وإن جاز إطلاقه مضافاً إلى غيره.
ويروى: (ربها)؛ أي: سيدها سمي المولود به؛ لأنه صار سبباً لعتقها، أو

الصفحة 25