كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 1)

"ثم قال لي"؛ أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عمر! أتدري"؛ أي: أتعلم "من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم"، وفيه رعاية الأدب التام حيث أحال العلم إلى الله ورسوله، وأشارت إلى أن وظيفة المتعلم عند شيخه هي الاعترافُ بالجهل واستخراج ما عند شيخه، لا المبادرة في الجواب.
"قال: فإنه جبرائيل أتاكم": جملة استئنافية؛ أي: أتى مجلسكم.
"يعلمكم دينكم" جملة حالية من الضمير المرفوع في (أتاكم)؛ أي: عازمًا تعليمكم، أو مفعول له بتقدير اللام. المراد به تثبيتهم على علمهم؛ لأنهم كانوا عالمين بدينهم قبله وإنما سأل عن أمارتها؛ لأنه لمَّا لم يكن الاهتمام بها إلا لمن يؤمن بالله واليوم الآخر، جعل ذلك من الدين.
"ورواه"؛ أي: هذا الحديث "أبو هريرة - رضي الله عنه - " كما روى عمر، ولكن: "في روايته" نقصان ما بعد العالة، وبعد قوله: "وأن ترى الحفاة العراة العالة" زيادة: "الصم": جمع الأصم، وهو الذي لا يسمع، أراد بهم الصم عن المواعظ والآيات، وهم الذين لا يهتدون ولا يقبلون من صمم العقل.
"البكم": جمع الأبكم، وهو الأخرس، والمراد بهم: البكم عن تعرُّف أحوال الطلمة ودفعهم عن المظالم.
"ملوك الأرض" فإنهم ملكوها من المشرق إلى حدود المغرب، وفيهم هذه الصفات المذكورة إلا نادراً، وهذا بخلاف العرب فإنهم في الزمن الذي كانوا فيه ملوك الأرض كانت الأرض ممتلئة عدلاً وأمنا كما هي ممتلئة من المذكورين اليوم ظلماً وجوراً.
"في خمس" متعلق بـ (أعلم) أو منصوب المحل على الحال، والعامل فيه (ترى)؛ أي: تراهم ملوك الأرض متفكِّرين في خمس "لا يعلمهن إلا الله" إذ من شأن الملوك الجهَّال الفكر في أشياء لا تعنيهم، كاهتمامهم بأن القيامة متى تقوم؟

الصفحة 27