كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 1)

"شعبة من الإيمان" وإنما خصه بالذكر؛ لأنه كالداعي إلى سائر الشعب؛ لأن الحَييَّ يخاف فضيحة الدنيا والآخرة فينزجر عن المعاصي.
وأما الحياء النفساني فهو الذي خلقه الله تعالى في النفوس كلها، كالحياء عن كشف العورة والجماع بين الناس.
* * *

4 - وقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المُسلمُ مَنْ سَلِمَ المُسلمونَ مِنْ لِسانِهِ ويده، والمُهاجِرُ مَنْ هجَرَ ما نَهى الله عنه".
"وعن عبد الله بن عمرو أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: المسلم"؛ أي: المسلم الكامل في إسلامه "من سلم المسلمون من لسانه ويده" بأن لا يتعرض لهم بما حرِّم من دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وإنما خصَّ اللسان واليد لأن أكثر الإيذاء يحصل بهما.
"والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه"؛ يعني: المهاجر في الحقيقة مَن اجتنب عما نهى الله عنه؛ لأن فضله على الدوام، وفضل الهجرة من مكة كان في وقت.
* * *

5 - وقال: "لا يُؤمِنُ أحدكمْ حتَّى أكون أحبَّ إليهِ مِنْ والده، وولده، والناس أجمعين"، رواه أنس.
"وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يؤمن أحدكم"؛ أي: لا يكون مؤمنًا كاملاً "حتى كون أحب إليه، بالحب الاختياري الحاصل من الإيمان "من والده وولده والناس أجمعين، مثلاً لو أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل أبويه وأولاده الكافرين، أو بأن يقاتل الكافر حتى يكون شهيداً، لأحبَّ أن يختار ذلك

الصفحة 30