كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 1)

الباعث والمبعوث له (¬1) بنعوتها الثلاثة؛ أعني: الربوبية والرسالة والدينية.
* * *

8 - وقال: "والذي نفسُ محمدٍ بيده"، لا يسمعُ بي أحدٌ مِنْ هذهِ الأمَّةِ يهوديٌّ أو نصراني، ثمَّ يموتُ ولمْ يُؤمِن بالذي أُرْسِلْتُ بهِ إلاَّ كانَ مِنْ أصحابِ النَّار"، رواه أبو هريرة - رضي الله عنه -.
"وعن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفس محمد بيده"؛ أي: بقدرته وأمره، والواو للقسم، أراد بالنفس النفس الإنسانية وأعم منها، واليد هي النعمة؛ أي: نفس محمد كائنة بنعمته.
"لا يسمع بي"؛ أي: بمبعثي أو بنبوتي "أحد من هذه الأمة" المراد به أمة الدعوة، فاللام للاستغراق أو للجنس.
"يهودي ولا نصراني" صفتان لـ (أحد)، أو بدلان عنه بدل البعض عن الكل.
"ثم يموت ولم يؤمن"؛ أي: يموت غير مؤمن "بالذي أرسلت به" وهو القرآن، أو الدين الحنيفي.
"إلا كان من أصحاب النار" فيه إشارة إلى أن الإيمان بجميع أحكام الإسلام واجب فيكفَّر من قال: آمنت بان محمداً رسول الله ولكنه إلى بعض الناس؛ لأنه لم يؤمن بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} [سبأ: 28]؛ أي: إلا لتكون رسولاً للناس كافة.
وكذا من قال: آمنت أنه كافة للناس ولكن أعظِّم أمر السبت، أو أحرم لحم الإبل، كما كان في دين موسى - عليه السلام -، أو ما أشبه ذلك من تحليل
¬__________
(¬1) في "غ": "والمبعوث والمنعوت".

الصفحة 33