كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 1)

حرام أو عكسه؛ لأنه لم يؤمن بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة: 208]؛ يعني: اقبلوا جميع ما أمركم محمد - صلى الله عليه وسلم - واتركوا ما نهاكم.
ويحتمل أن يكون [المراد] بالأمة: المعاصرين، وأما من سيوجد بعدهم فمندرجٌ في ذلك قياساً على المعاصرين كما في سائر أحكام الإيمان، صمانما خضَت اليهود والنصارى بالذكر؛ لأنهما أهلا كتابي التوراة والإنجيل، وهم أشرف وأخص ممن لم يكن لهم كتاب من الأمم الباقية، فإذا كانوا كفاراً بترك الإيمان لمحمد فغيرهم كان أولى بذلك.
* * *

9 - وقال: "ثلاثةٌ لهم أجرانِ: رجلٌ مِنْ أهلِ الكتابِ آمنَ بنبيهِ وآمنَ بمحمدٍ، والعبدُ المملوكُ إذا أدَّى حقَّ الله وحقَّ مَواليهِ، ورجلٌ كانتْ عندهُ أمَةٌ يَطؤها، فأدَّبها فأحسنَ تأدِيبَها وعلَّمَها فأحسنَ تعليمَها، ثمَّ أعتَقَها فتزوجَها، فلهُ أَجران"، رواه أبو موسى الأَشْعَري - رضي الله عنه -.
"وعن أبي موسى الأشعري أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ثلاثة"؛ أي: ثلاثة أشخاص، مبتدأ خبره: "لهم أجران: رجل من أهل الكتاب" المراد بهم النصارى؛ لأن اليهود لا يثابون على دينهم؛ لأن الإيمان بعيسى عليه السلام كان واجبًا عليهم.
"آمن بنبيه"؛ يعني: بعيسى عليه السلام.
"وآمن بمحمد" - صلى الله عليه وسلم - بعد مبعثه، فإن له أجرين: أجر على العمل بدين نبيه، وأجر على الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - والعمل بدينه، قال الله تعالى: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} [القصص: 54].

الصفحة 34