كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 1)

الإسلامية، أو استثناء من الدماء والأموال بحذف موصوف؛ أي: إلا دماءً ومالاً ملتبسين بحق الإسلام.
"وحسابهم على الله" مما يسترون به في غير الأحكام الواجبة عليهم في الظاهر.
وفي الحديث دليل على أن أمور الناس في معاملاتهم جارية على الظاهر من أحوالهم دون باطنها، وأن المُظْهِرَ لشعار الدين يجري عليه حكمه، ولم يستكشف من باطن أمره والله يتولى حسابه.
* * *

11 - وقال: "مَنْ صَلَّى صلاتَنا، واستقبلَ قِبلتَنا، وكلَ ذَبيحتَنا، فذلكَ المسلمُ الذي لهُ ذِمَّةُ الله وذِمَّةُ رسولهِ، فلا تُخْفِرُوا الله في ذِمَّتهِ"، رواه أنسَ - رضي الله عنه -.
"وعن أنس - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من صلى صلاتنا"؛ أي: مثل صلاتنا، ولا توجد الصلاة الشرعية إلا من معترف بالتوحيد والنبوة، فلذا جعل عَلَماً لإسلامه، ولم يتعرض للزكاة وغيرها من الأركان استغناءً بالصلاة التي هي عنوان الدين، أو لتأخّر وجوب تلك الفرائض عن زمان صدور هذا القول.
"واستقبل قبلتنا": وإنما ذكر الاستقبال مع أن صلاتنا مشروطة به ترغيباً للناس عليه لاحتمال صدور الحديث وقت تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، أو لأن صلاتنا تشابه صلاة غيرنا في كثير من أعمالها وقبلتنا ليست كذلك.
"وأكل ذبيحتنا"؛ أي: مذبوحتنا، وهي فعيلة بمعنى المفعول، والتاء للجنس كما في الشاة، وقيل: للتأنيث؛ لأنه لم يُذكر موصوفها معها.
"فذلك"؛ أي: من جمع هذه الثلاثة "هو المسلم الذي له ذمة الله"؛ أي: عهده وأمانه.

الصفحة 37