كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 1)

"وذمة رسول الله" لا يستباح منه ما حرم عن المسلمين، وإنما ذكر ذمة رسوله ليعلم أن له ذمتين فيمسك عن التعرض له بأبلغ الوجوه.
"فلا تخفروا الله في ذمته" الضمير فيه لله أو للمسلم، والإخفار: إزالة الخفرة، وهو العهد؛ يعني: لا تزيلوا عهد الله في حقِّ مَن في أمانه.
وبهذا قال أبو حنيفة: إذا صلى كافر بجماعة يحكم بإسلامه.
ثم هذه العصمة ثابتة له بشرط أن لا يكون عليه شيء من حقوق الإسلام، أما إذا كانت فلا، وكذا من أسلم في دار الحرب ولم يهاجر إلينا له ذمة الله، ولكن بصفة النقصان من استيفاء قصاص نفس أو طرف أو قطع، ومن أخذ مالي إذا غصب، إلى غير ذلك من الحقوق الإسلامية، فإنه إذا قُتل فلا قصاص فيه ولا دية؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] جعل التحرير كل الجزاء (¬1).
* * *

12 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أتى أعرابيٌّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: دلُّنِي على عَمل إذا عملتُهُ دخلتُ الجنَّةَ، قال: "تعبدُ الله ولا تشركُ به شيئاً، وتُقيمُ الصَّلاةَ المكتوبةَ، وتُؤدِّي الزكاةَ المفروضةَ، وتصومُ رمضانَ"، فقال: والذي نفسي بيدِهِ، لا أزيدُ على هذا، ولا أنقُصُ منه، فلما ولَّى قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سرَّهُ أنْ ينظرَ إلى رجل مِنْ أهلِ الجنَّةِ فلينظُرْ إلى هذا".
"وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: أتى أعرابي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: دلُّني" بضم الدال وفتح اللام: أمرٌّ من دلَّ يَدُلُّ: إذا أرشد؛ أي: أرشدني.
"على عمل إذا عملته دخلت الجنة، قال"؛ أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تعبد الله":
¬__________
(¬1) في "ت": "كالجزاء" بدل "كل الجزاء".

الصفحة 38