كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 1)

"اقتادُوا"، فَاقْتَادُوا رَوَاحِلَهُمْ شيئاً، ثمَّ تَوَضَّأَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمرَ بلالاً فأقامَ الصَّلاةَ، فصلَّى بهِمُ الصُّبْحَ، فلمَّا قَضَى الصَّلاةَ قال: "مَنْ نَسِيَ الصَّلاة فَلْيُصَلِّها إذا ذكرَها، فإنَّ الله تعالى قال: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}.
"وقال أبو هريرة: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قفل من خيبر"؛ أي: حين رجع من غزوة خيبر إلى المدينة.
"سار ليلة حتى إذا أدركه الكَرَى"؛ أي: النوم.
"عرَّس"؛ أي: نزل في آخر الليل للاستراحة.
"ونام هو وأصحابه": عطف على الضمير المرفوع المستتر في (نام).
"فلم يستيقظ أحد من الصحابة حتى ضربتهم الشمس"؛ أي: وقع عليهم حرارتها.
"فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولهم استيقاظاً فقال: اقتادوا"؛ أي: سوقوا رواحلكم من هذا الموضع.
"فاقتادوا رواحلهم شيئاً"؛ يعني: ذهبوا من ثَمَّةَ مسافة قليلة.
"ثم توضأ رسولُ الله، فأمر بلالاً، فأقام الصلاة": وإنما لم يؤذن؛ لأن القوم حضور.
"فصلى بهم الصبح": وإنما لم يقضِ في الموضع الذي استيقظ فيه؛ لترتفع الشمس حتى يخرج وقت الكراهة، وبه قال أبو حنيفة، ومن جَوَّز قضاء الفائتة في الوقت المنهي - وهم الأكثرون - قالوا: أراد أن يتحول عن المكان الذي أصابتهم فيه هذه الغفلة والنسيان.
وقد روي: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "حولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه هذه الغفلة".

الصفحة 414