كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 1)

"ومسجدي هذا"؛ يريد: مسجد المدينة، ومزية هذه المساجد؛ لكونها أبنية الأنبياء ومساجدهم، ولهذا قالوا: لو نذر أن يصلي في أحد هذه الثلاثة تعيَّن بخلاف سائر المساجد؛ فإن من نذر أن يصلي في أحدها له أن يصلي في آخر.
* * *

482 - وقال: "ما بينَ بَيتي ومِنبَري رَوضةٌ مِنْ رِياضِ الجَنَّةِ، ومِنْبَرِي على حَوْضي"، رواه أبو هريرة.
"وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما بين بيتي ومنبري": المراد بالبيت: بيت سكناه، وقيل: قبره؛ لما جاء في حديث آخر: "ما بين قبري ومنبري"، ولا تنافيَ بينهما؛ لأن قبره في بيته.
قيل: أراد بذلك المحراب؛ لأنه بين المنبر وبين بيته؛ لأن باب حجرته كان مفتوحاً إلى المسجد.
"روضة من رياض الجنة"؛ يعني: أن العبادة في ذلك الموضع تؤدِّي إلى روضة من رياضها، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "الجنة تحت ظلال السيوف"؛ يريد: أن الجهاد يؤدي إلى الجنة.
قيل: سماه روضة لأن زوَّار قبره وعُمَّار مسجده من الملائكة والإنس والجن مُكِبُّون على الذكر والعبادة، إذا صدرَ عنها فريقٌ ورد آخر.
وقد سمى - صلى الله عليه وسلم - حِلَق الذكر رياضاً في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا".
"ومنبري على حوضي"؛ أي: على حافته، وقد رُوي: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "ومنبري على ترعة حوضي"، وهذا يدل على أن يكون له - صلى الله عليه وسلم - في الآخرة منبر، ويجوز أن يراد به: منبره في الدنيا.

الصفحة 419