كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 1)

خِصَاءَ أُمَّتِي الصِّيامُ"، فقال: ائذَنْ لنا في السِّياحَةِ، فقال: "إنَّ سياحَةَ أُمَّتِي الجهادُ في سَبيلِ الله"، فقال: ائذَنْ لنا في التَّرَهُّبِ، فقالَ: "إنَّ تَرَهَّبَ أُمَّتِي الجُلُوسُ في المَساجِدِ انتِظارَ الصَّلاةِ".
"وقال عثمان بن مظعون": حين أرسله جماعة من أهل الصُّفة؛ ليستأذن لهم في الاختصاء؛ لأنهم يشتهون النساء، ولا طَول لهم بذلك: "يا رسول الله! ائذن لنا في الاختصاء، فقال: رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم"؛ نهياً عن ذلك: "ليس منا"؛ أي: ممن يتمسك بسنتنا ويقتدي بهدينا.
"من خصى"؛ أي: أخرج خصية أحد.
"ولا اختصى": بحذف (من)؛ لدلالة ما قبله عليه؛ أي: أخرج وسلَّ خصية نفسه.
"إن خِصاءَ أمتي الصيام"؛ فإنه يكسر الشهوة، وجعل الصيام خصاءً مجاز؛ لأنه يكاد يلحق الصوام بالخصيان في اشتهاء النكاح.
"فقال"؛ أي: عثمان: "ائذن لنا في السياحة": وهو التردد والسفر في البلاد والذهاب في الأراضي، كفعل عُبَّاد بني إسرائيل.
"فقال: إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله، فقال: ائذن لنا في الترهُّب": وهو التزهد والتعبد، والمراد به هنا: العزلة عن الناس، والفرار من بينهم إلى رؤوس الجبال والمواضع الخالية، كما فعلت زهاد النصارى، حتى إن منهم من خصى نفسه، ووضع السلسلة في عنقه، وغير ذلك من أنواع التعذيب، فنهى - عليه الصلاة والسلام - المسلمين عنها.
"قال: إن ترهب أمتي الجلوس في المساجد انتظار الصلاة": نصب بأنه مفعول له للجلوس؛ أي: لانتظار الصلاة.

الصفحة 436